مركز عدن للدراسات التاريخية

مكانة العلماء في البنية السياسية بالدولة القاسمية في اليمن 1097-1251هـ/1686-1835م

أ.د. عويضة بن متيريك الجهني

أ.د. عويضة بن متيريك الجهني([1])

د. بندر بن مطلق العصيمي([2])

ملخص البحث:

    يتناول هذا البحث التحول الذي طرأ على مكانة العلماء في الدولة القاسمية باليمن بين عامي 1097-1251هـ/1686-1835م، ويتكون البحث من مقدمة تاريخية عن ظهور الإمامة القاسمية، ثم مبحثين رئيسين، الأول عن النظام السياسي في الدولة القاسميَّة وتركيبته البنيوية، وسيتناول الركيزة التي قامت عليها السلطة القاسمية وأسلوب الحكم، ثم يستعرض التركيبة البنيوية للنظام السياسي التي تتكون من الإمام، والأمراء القاسميين، والسادة العلويين، والعلماء، والزعامات القبلية، والأمراء المماليك، في حين يركز الثاني على العوامل التي ساعدت على بروز مكانة العلماء في البنية السياسية للدولة خلال الفترة التاريخية التي يتناولها البحث، وهي كالتالي: النهضة العلمية في اليمن، والمكانة الدينية والعلمية والاجتماعية للعلماء في الدولة والمجتمع، والتحاق العلماء بالعمل في وظائف الدولة الرسمية، ثم تحول الإمامة في الدولة القاسمية إلى سلطة وراثية وحكم أسري، وفي الخاتمة نظهر النتائج التي توصل إليها البحث، وأخيرًا قائمة المصادر والمراجع التي اعتمد عليها البحث.

الكلمات الدالَّة (المفتاحية):

الدولة القاسمية، علماء اليمن، المذهب الزيدي.

The status of The Ulamaa in the political structure of the Qassimi state in Yemen

1097-1251 AH / 1686-1835 AD))

Abstract:

 This paper deals with the transformation that took place in the status of the ulamaa in the Qassimi state in Yemen between the years (1097-1251 AH / 1686-1835 AD).

 The paper is consisted of a historical introduction to the emergence of the Qasimiyya Imamate (Imamah) followed by two chapters، the first discusses the political system of the state including its base of power، style of governance and the structural composition of the political system which was mad of the Imam، the Qassimi princes، the Alawid Sayyids (alSadah)، the Ulamaa، tribal leaders، and the Mamluk princes.

 The second chapter deals factors that helped in the emergence of the political role of the Ulamaa in the affairs of the state during the historical period. These factors include the educational renaissance in Yemen، the religious، educational and social position and role of the Ulamaa in the state and society، their employment in official position in the state and the transformation of the Imamate into hereditary family rule.

Findings of the research are in the conclusion followed. finally by list of sources.

مقدمة:

    التف اليمنيون في شمال اليمن حول القاسم بن محمد بن علي الحسني، الذي تلقب بالمنصور وأعلن نفسه إمامًا في عام 1006هـ/1597م في ثورة ضد الحكم العثماني. وقد نجح الإمام المنصور القاسم بن محمد([3]) وأبناؤه في إخراج العثمانيين من اليمن في عام 1045هـ/1635م بعد حروب طويلة، مؤسسين بذلك دولة زيدية جديدة في اليمن عرفت بالدولة القاسمية([4]).

    وتمكن الإمام المؤيد محمد بن القاسم (1029-1054هـ/1620-1644م)، والإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم (1054-1087هـ/1644-1676م) اللذان توليا الإمامة بعد والدهما على التوالي بمساعدة إخوتهما وبني إخوتهما من توحيد أقاليم اليمن جميعها في دولة واحدة([5]).

وفيما عدا فترات حروب التوحيد، فقد شهدت اليمن خلال النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) استقرارًا سياسيًا وهدوءًا أمنيًا وازدهارًا اقتصاديًا لم تشهده البلاد منذ فترة طويلة. فقد انحسرت الصراعات الإقليمية والقبلية وأمن الناس على أرواحهم وأموالهم، وانصرفوا إلى أنشطتهم الزراعية والتجارية والحرفية في ظل عدم تدخل الدولة كثيرًا في تلك الأنشطة، وقلة الضرائب والجبايات والتزام الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية، واقتصار جباياتها على الزكاة والعشور الشرعية([6]).

    وتميز الأئمة الثلاثة الأوائل في الدولة القاسمية: المنصور والمؤيد والمتوكل بتوفر شرطي العلم والاجتهاد فيهم، وهما من الشروط المهمة التي وضعها الإمام الهادي يحيى بن الحسين الرسي([7]) لتولي الإمامة الزيدية في اليمن منذ أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي). ولذلك اتسمت فترة حكم أولئك الأئمة بالبساطة والزهد والعدل والالتزام بتطبيق الشريعة الإسلامية في إدارة الدولة. كما اهتم أولئك الأئمة بنشر العلم الشرعي ورعاية طلبة العلم والعلماء، فانتشر العلم وزادت أعداد الهجر العلمية([8]) وتكاثر العلماء وبرز علماء مجتهدون خلال تلك الفترة والفترات اللاحقة([9]).

    لكن شرط الإمام المجتهد أخذ في التراجع منذ نهاية القرن الحادي عشر الهجري (القرن السابع عشر الميلادي) حيث وصل إلى الإمامة أئمة معتمدين على انتمائهم للبيت القاسمي العلوي وعلى قدراتهم العسكرية والسياسية أكثر من اعتمادهم على العلم والاجتهاد. وكان أوضح مثل على ذلك، وصول الإمام المهدي محمد بن أحمد بن الحسن بن القاسم (صاحب المواهب) (1097-1130هـ/1686-1718م) إلى الإمامة اعتمادًا على انتسابه للبيت القاسمي وما قدمه والده وجده من خدمات عسكرية وسياسية للدولة، فضلًا عما تمتع به هو نفسه من كفاءة سياسية وعسكرية وقدرة على المناورة وضرب المنافسين بعضهم ببعض([10]).

    وفقد منصب الإمامة منذ عهد المهدي (صاحب المواهب) سمات الزهد والورع والعلم والتقيد الشديد بالشرع وصار مُلكًا سياسيًا، وسار المهدي سيرة الملوك، حيث أخذ يتواصل مع القوى السياسية في الحجاز وبلاد فارس وغيرها، واستقبل وفود الحكام المسلمين والشركات الغربية، وتوسع في الأنشطة التجارية وفرض الضرائب والجبايات التي لا تتوافق مع الشرع وصادر أموال المخالفين والمنافسين له وقتل بعضهم، وأسرف في النفقات على نفسه وحاشيته ومؤيديه([11]).

واتسمت فترة أواخر القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) والقرن التالي أيضًا بضعف سلطة الإمامة على حكام الأقاليم وولاتها، حيث دأب الأئمة منذ عهد المتوكل إسماعيل على تعيين إخوتهم وأبناء عمومتهم ولاة على الأقاليم ترضية لهم ولتفادي معارضتهم ومنافستهم على الإمامة، وقد استبد أغلب أولئك الأمراء الولاة بحكم أقاليمهم وكوّنوا مراكز قوىً في تلك الأقاليم، وخاصة الغنية منها بالموارد، وفرضوا الجبايات فيها دون الرجوع إلى الإمام الذي كان يتغاضى أو يعجز في أكثر الأحيان عن عزلهم أو حتى محاسبتهم([12]).

    وأتاح فقد الأئمة لشرطي العلم والاجتهاد وضعف سلطاتهم في الأقاليم التي استبد بحكمها ولاة منافسون لهم من أسرتهم، وظهور عدد كبير من العلماء بعضهم من العلماء المجتهدين وخاصة من العلويين الفرصة لبروز دور واضح لأولئك العلماء في الدولة؛ حيث أصبح الأئمة في حاجة إلى أولئك العلماء لسد النقص عندهم في تفسير النصوص الدينية ومساعدتهم على تطبيق الشريعة من ناحية، وكسب العلماء إلى جانبهم وإبعادهم عن منافسيهم على الإمامة ودعم شرعيتهم من ناحية أخرى، فمنحوا العلماء مناصب في الدولة في مجالات دينية وإدارية وسياسية مختلفة، فاكتسب العلماء مكانة في الدولة لا سابق لها، وهذا ما سيناقشه هذا البحث من خلال استعراض النظام السياسي في الدولة القاسمية وتركيبته البنيوية، والعوامل التي ساعدت على بروز مكانة العلماء في التركيبة السياسية في تلك الدولة خلال الفترة الواقعة بين عامي 1097-1251هـ/1686-1835م.

أولًا- النظام السياسي في الدولة القاسميَّة وتركيبته البنيوية([13]):

ارتكز النظام السياسي في الدولة القاسميَّة على فكر الإمامة الزيدية الهادوية([14]) الذي ينصُّ على أن الإمامة يجب أن تكون في البيت العلوي بفرعية الحسني أو الحسيني؛ والارتكاز على هذا التوجه منح الأسرة القاسمية الشرعية في تولي الإمامة.

واعتمد الحكم في الدولة القاسميَّة في مرحلة التأسيس على الجاذبية الشخصية وتأثيرها في الآخرين التي يمتلكها الإمام القاسمي، فضلًا عن ممارسة الأسلوب الأبوي في الحكم([15])؛ حيث اتبع الأئمة القاسميُّون الأوائل أساليب أبوية في حكمهم؛ وهو شكل من أشكال السيطرة السياسية؛ تستند إلى بيروقراطية تمارسها أسرة حاكمة، وهي سلطة قسرية من الناحية الشكلية، تكون تحت سيطرة الحاكم الدائمة، وتتحقق السيطرة في الدولة الأبوية بواسطة جهاز سياسي يديره مجموعات من رجال الإدارة كالوزراء، والقضاة، والكتاب، وغيرهم، ولا تمتلك تلك المجموعات قاعدة مستقلة للقوة، بل هي خاضعة لإرادة الحاكم([16])؛ لكن ذلك لم يستمر نتيجة التحولات التي طرأت على مؤسسة الإمامة كمؤسسة حكم وسلطة دينية؛ ولهذا تراجع تأثير الجاذبية الشخصية والأسلوب الأبوي في الحكم في الدولة القاسميَّة.

وطرأ على الإمامة في الدولة القاسمية عدد من التغييرات، ومن ذلك أن الإمام المؤيد لما تولى مقاليد الحكم خلفًا لوالده الإمام المنصور القاسم بن محمد في عام 1029هـ/1620م حصر الإمامة في الأسرة القاسميَّة([17])؛ فتحولت إلى حكم وراثي أسري؛ وهذا يخالف مخالفة صريحة شروط الإمامة في المذهب الزيدي التي نص عليها علماء الزيدية وفقهاؤها، ومن ذلك ما أقره الإمام المنصور القاسم بن محمد في كتابه “الأساس لعقائد الأكياس” عندما أشار إلى أن الإمامة “لا تثبت لأحد إلا بدليل شرعي إجماعًا؛ لترتب كثير من الشرائع عليها، ولا طريق إلى من يقوم بها إلا الشرع”([18]).

ومن التغيرات التي طرأت على الإمامة في الدولة القاسمية أيضًا، أن الإمام الذي يتولى الحكم لم يعد يتحقق فيه شرطي العلم والاجتهاد وهما من أهم الشروط التي يشترطها المذهب الزيدي أساسًا للوصول إلى سدة الحكم، وبرز ذلك بوضوح منذ وفاة الإمام المتوكل إسماعيل عام 1087هـ/1676م. ومن التغيرات أيضًا، أن الحكم صار ينتقل عموديًا من الأب إلى الابن، بعدما كان ينتقل أفقيًا بين أمراء الأسرة القاسميَّة؛ وقد تقرر ذلك بعد أن انفردت ذرية الإمام المتوكل القاسم بن الحسين (ت1139هـ/1727م) بالحكم، وشكَّل ذلك مناقضة واضحة لمبادئ الإمامة الزيدية وأسهم في تعزيز الحكم الوراثي الأسري([19]).

لقد تكونت التركيبة البنيوية في النظام السياسي بالدولة القاسمية من ستة مكونات يأتي على رأسها الإمام، ثم الأمراء القاسميون، يليهم السادة العلويون، ثم العلماء يتبعهم زعماء القبائل، في حين شكّل الأمراء المماليك آخر مكون في هذا النظام، وسنستعرض فيما يلي هذه المكونات:

أولًا / الإمام:

كان الإمام يقف على رأس السلطة السياسية والدينية في التاريخ المبكر من تأسيس الدولة القاسميَّة، وتركَّزت في يده جميع السلطات، فهو رئيس الجهاز السياسي والإداري والمالي، والقائد العام للقوات العسكرية، والمسؤول عن إعلان الجهاد وعقد المعاهدات وإبرام الصلح، وهو صاحب السلطة الدينية، وما يتعلق بها من أمور الشرع والإفتاء والقضاء وجباية الزكاة([20])، فضلًا عن إقامة شعائر الإسلام في الجُمع والأعياد. وتشير المصادر التاريخية إلى أن الإمام القاسمي كان يعتمد في حكمه على مجموعة من المعاونين والمستشارين والنواب، الذين يساعدونه في إدارة شؤون الدولة وتطبيق سياساتها الدينية والاقتصادية([21]).

وكانت الأنظمة الإدارية التي يشرف عليها الإمام بدائية في بداية عهد الدولة القاسميَّة، لكنها بعد ذلك شهدت تطورًا صاحب التحولات السياسية والاقتصادية التي عرفتها البلاد، وقد حرصت الدولة القاسميَّة على مواكبة تلك التحولات عن طريق الاستفادة من الأنظمة العثمانية العسكرية والإدارية؛ خاصةً فيما يتعلق بالشؤون المالية مثل: جباية الزكاة والضرائب([22])، ولم يكن تحصيل الضرائب مركزيًا طوال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين(السابع عشر والثامن عشر الميلاديين)؛ إذ إن تقدير القيمة الضريبية على المحاصيل الزراعية لم يكن من مهام السلطة المركزية، بل كان من مهام ولاة وعمال المناطق([23]).

وكان الإمام يتولى رئاسة الديوان القاسمي الذي يتكون من كبير الوزراء، ووزراء مسؤولين عن شؤون القبائل، والأوقاف، وجباية الزكاة، وكان الإمام يعيِّن وزيرًا لكل منطقة؛ لضبط جباية الزكاة وتدقيقها([24])، ويعيِّن كذلك في الديوان القاسمي بعض القضاة؛ ومن المحتمل أن الإمام كان يسند إليهم النظر في القضايا التي تقع بين أفراد الأسرة القاسميَّة، أو القضايا التي كانت تقع بين أعيان الدولة من السادة العلويين وشيوخ القبائل، وربما أسند إليهم النظر في القضايا الكبرى. وكان الإمام يعين على كل ولاية عاملًا يسمى والي الدولة وأحيانًا أميرًا، يشرف على قيادة القوات في ولايته أو إقليمه الذي يحكمه، ويكون مسؤولًا عن جمع الضرائب وحفظ الأمن، ويجري عزل هؤلاء الولاة أو نقلهم إلى ولايات أخرى كل سنتين أو ثلاث؛ لمنع تراكم الثروة في أيديهم بعد تقديمهم ما يشبه كشف حساب لممتلكاتهم، التي قد يتنازلون عنها في حال وجود أخطاء أو تجاوزات ارتكبوها([25]).

ثانيًا / الأمراء القاسميون:

يحتل أمراء الأسرة القاسميَّة المرتبة الثانية في التركيبة البنيوية السياسية في دولتهم، خاصةً أبناء الإمام الحاكم الذين يطلق على الواحد منهم لقب (سيف الإسلام)([26])،وقد تولوا أمر الولايات ذات الأهمية في البلاد، مثل: صنعاء وتعز وإب وصعدة وغيرها، وجرت العادة أن يتولى أكبر أبناء الإمام منصب ولاية صنعاء التي أصبحت عاصمة للدولة القاسمية منذ عام 1130هـ/1718م، فضلًا عن أنه كان يكلف بقيادة الجيوش القاسميَّة في بعض الأحيان. وكان بعض أمراء الأسرة القاسميَّة-ممن لهم حظوة لدى الإمام- يكلفون ببعض المهام الإدارية والعسكرية، وبعضهم أصبح من المستشارين المقربين للأئمة، وقد عملت السلطة على الاستفادة من آرائهم وخبراتهم السياسية والإدارية.

ولقد أصبحت السلطة المركزية للدولة القاسميَّة-المتمثلة في شخص الإمام- في أواخر القرن الحادي عشر الهجري لا تملك نفوذًا قويًا على الأمراء القاسميين الذين عينتهم ولاة على بعض ولايات الدولة، إذ شكَّلوا مراكز قوى داخل الدولة، فحكموا ولاياتهم حكمًا ذاتيًا، وسيطروا على الموارد المالية فيها، وأصبح الإمام الذي يتولى سدة الحكم في الدولة القاسميَّة يعترف بالسلطة السياسية والاقتصادية لأولئك الأمراء، ليضمن البقاء في السلطة دون منازعتهم، وكثيرًا ما تنافس بعض الأمراء القاسميين على الإمامة عند حدوث فراغ سياسي في هذا المنصب، وقد أسهم دعم العلماء لأحد المتنافسين في ترجيح كفته على البقية. وبعد أن أصبح تقلد الإمامة ينتقل عموديًا من الأب إلى الابن تراجع نفوذ الأمراء القاسميين لصالح السلطة المركزية، التي عادت لامتلاك زمام الأمور من جديد([27])، وإن كان الأمر لم يخلُ من بعض دعوات استحقاق الإمامة التي يطلقها إخوة الإمام الحاكم أو أبناء عمومته، لكنها سرعان ما تخبو تلك الأصوات.

ثالثًا/ السادة العلويون:

تطلق لفظة (السادة) على الأسر التي تنتسب إلى آل البيت، وتحديدًا على من كان من ذرية علي ابن أبي طالب من زوجته فاطمة -رضي الله عنهما-. ولم تدخل اليمن لفظة (سادة) أو(سيد) أو تستخدم فيها إلا بعد نهاية القرن السادس الهجري (الثالث عشر الميلادي)، الذي جاء تقليدًا لما كان شائعًا ومعروفًا في طبرستان([28])، يقول الإمام عبدالله بن حمزة((…فأتباع أهل البيت شيعة آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يسمون أهل البيت إلا السادة، ومتى أطلقت هذه اللفظة في العراق والشام وخراسان وسائر البلدان، أفادت آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويقولون لواحدهم: سيدنا، متى أضافوه إلى أنفسهم))([29])، وتنسب إلى السادة خصال العلم، والورع، والتواضع، والشجاعة([30])، ولا يحق لغير السيد أن يكون إمامًا.

وكان السادة العلويون يؤدون دورًا مهمًا في الحياة العامة منذ قيام الإمامة الزيدية الأولى في أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) في اليمن؛ فظهر منهم الأمراء المتنفّذون في أنحاء البلاد، وبرز منهم العلماء المجتهدون الذين حرصوا على تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فدخلوا في التركيبة الاجتماعية في اليمن، وصاروا جزءًا منها([31]).

لقد اكتسب السادة العلويون مكانة سياسية واجتماعية وعلمية في المجتمع اليمني إثر ارتباطهم بنشر الزيدية والعلوم الدينية عن طريق هِجَر العلم في المناطق التي يقيمون فيها، وهذا الأمر ساعدهم في النفاذ إلى التركيبة البنيوية السياسية للدولة القاسمية؛ خاصةً أنهم كانوا من أعيان البلاد ومن أهل الحل والعقد فيها، وتولى بعضهم مناصب رسمية ودخلوا في خدمة الدولة القاسمية.

رابعًا/ العلماء:

كان العلماء يشكلون شريحة مجتمعية مؤثرة في التركيبة البنيوية السياسية في الدولة القاسمية، ويقصد بالعلماء هنا، الذين نالوا قدرًا من العلم في مختلف العلوم الشرعية، كعلوم القرآن، والتفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، والعلوم ذات الصلة، مثل: السيرة، والتاريخ، والنحو، والبلاغة، والمنطق، وهي العلوم التي يحتاجها العلماء في مسيرتهم لتحصيل العلم، وفق عدد من المعايير، ومنها: المكانة العلمية للمشايخ الذين تتلمذوا على أيديهم، والحلقات العلمية والمدارس التي تعلموا فيها وعلموا فيها، والطلاب الذين أخذوا عنهم وحصلوا على إجازاتهم العلمية، واعتراف المجتمع بعلميَّتِهم وفضلهم، فضلًا عن تقلدهم أو أدائهم بعض المهام، كالقضاء والإفتاء؛ لأن ذلك يعد مؤشرًا على المكانة العلمية التي بلغوها.

ولو تتبعنا تراجم العلماء في الدولة القاسمية نجد أنهم ينتمون إلى أسر اشتهرت بالعلم والفضل والنسب الرفيع والمكانة الاجتماعية التي توارثوها، سواءً كانوا من السادة العلويين، أو من أبناء القبائل، أو من الحواضر اليمنية، يضاف إلى ذلك أن هناك علماء من أبناء الأسرة الحاكمة، وقد أنيط بهم مهمة مساعدة الإمام بالإشراف على الجوانب المختلفة لنظام الحكم في الدولة القاسميَّة، ومن ذلك العمل في المجال الإداري، مثل: الوزارة والولاية، والإشراف على شؤون السجلات والبريد والمخازن، وعمل بعضهم في الإشراف على ما يتعلق بالجوانب الدينية، مثل: القضاء، والإفتاء، والأوقاف، وأسند إليهم كذلك تعريف الناس بأحكام الشريعة الإسلامية، عن طريق الخطب والدروس التي كانوا يلقونها في الجوامع والمساجد.

وفي أواخر القرن الحادي عشر الهجري تمكَّن العلماء من السيطرة على منصب القضاء الأكبر وأمر الإفتاء -بعد التحول الذي طرأ على مؤسسة الإمامة-الذي كان من أبرز مهام الإمام الحاكم؛ وسبب هذا التحول هو أن من تعاقب على سدة الحكم من الأئمة القاسميين خلال تلك الفترة لم يكن يتمتع بالدرجة العلمية التي توصله إلى مرحلة الاجتهاد، وتمكنه من إصدار الأحكام القضائية والفتاوى الشرعية([32])؛ لذا سعت السلطة السياسية في الدولة القاسمية إلى تقريب العلماء وإشراكهم في إدارة الدولة؛ لئلا يخرجوا عليها، وينتقدوا سياساتها؛ لأنها كانت تدرك أن ذلك سيُحدث زعزعة لمكانتها السياسية والدينية، لكن طبيعة المذهب الزيدي الذي يسمح بالخروج على حكام الجور والظلم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دفع بعض العلماء إلى الخروج على السلطة السياسية ومعارضتها، خاصةً العلماء الذين ينتمون إلى أسر السادة العلويين؛ لأنهم كانوا يرون أن عليهم واجبًا دينيًا لابد أن يؤدوه لمواجهة الجور والظلم الذي تقع فيه السلطة الحاكمة، إلا أنه لا يخفي أن أولئك العلماء العلويين كان لديهم مطامح شخصية يسعون إلى تحقيقها.

خامسًا/ الزعامات القبلية:

شكلت الزعامات القبلية جزءًا مهمًا في التركيبة البنيوية السياسية للدولة القاسميَّة، وكانت القبائل تمثّل رافدًا وداعمًا مهمًا للقوة العسكرية للدولة، حيث عمل أبناء القبائل -خاصةً القبائل الشمالية- جنودًا غير نظاميين في الجيش القاسمي؛ لذا كان لزعمائها دور مؤثر في الأحداث التي شهدتها اليمن في عهد الدولة القاسميَّة. ومن أشهر الزعامات القبلية: آل الأحمر شيوخ حاشد([33])، وآل أبو لحوم شيوخ بكيل، وآل الشايف شيوخ ذوي حسين من قبائل بكيل، وابن جزيلان شيخ ذوي محمد من قبائل بكيل([34])، وآل أبو حليقة شيوخ قبائل خولان([35])، فضلًا عن القضاة آل العنسي المذحجيين زعماء قبائل جبل بَرَط([36]).

وساعد اعتماد السلطة الحاكمة في الدولة القاسمية على نظام الرعاية الأبوية في السنوات الأولى لتأسيسها على ربط القبائل في مناطق اليمن الأعلى بها، فمنحت زعماءها الامتيازات الضريبية والإقطاعات الزراعية في اليمن الأسفل، الذي يعدُّ من أغنى مناطق اليمن الزراعية، فضلًا عن أنها ثبتت أسماءهم في سجلات الرواتب الشهرية التي تصرف من خزانة الدولة مباشرة، ولم تقتصر على هذا بل كانت تمنحهم العطايا السخية في بعض المناسبات([37])، وكان الأمراء القاسميون الذين شكَّلوا مراكز قوى داخل الدولة القاسمية في فترات سابقة من عمر الدولة قد لجئوا إلى كسب تأييد القبائل وزعمائها في صراعهم على النفوذ؛ وتسابقهم على الوصول إلى سدة الحكم، إدراكًا منهم لثقل حجم تلك الزعامات.

ولقد أسهمت الزعامات القبلية في ترجيح كفة قوىً على أخرى أو ترجيح أمير على آخر، وهو ما أكسب الزعامات القبلية ثقلًا سياسيًا وعسكريًا يصعب تجاوزه، فقد نجح الإمام المهدي محمد (صاحب المواهب) في استمالة مشايخ قبائل الحجرية وعلى رأسهم الشيخ ابن المغلس للوقوف في صفه في أثناء الحرب على الإمامة والتي نشبت بين أبناء الأسرة القاسمية في عام 1097هـ/1686م([38])، وأيدت قبائل بني الحارث وهمدان وزعماؤها الإمام المهدي محمد وهو ما أسهم في دعم موقفه في هذه الحرب([39])،كما أسهم تخلي القبائل عن مناصرة الحسين بن القاسم الشهاري في حسم الصراع على الإمامة لصالح الإمام المتوكل القاسم بن الحسين([40]).

وكذلك شارك بعض زعماء قبائل حاشد وبكيل ويام مثل: ابن الأحمر وابن جزيلان والمكرمي، في الحرب التي نشبت في عام 1139هـ/1727م بين المنصور الحسين بن المتوكل ومنافسه على الإمامة الناصر محمد بن إسحاق، وتقلبت فيها الولاءات من جانب إلى آخر([41])، حتى حسم الصراع لصالح الإمام المنصور الحسين، وقد خسر فيها ابن الأحمر حياته عندما قُتل غيلة على يد مماليك حليفه السابق الإمام المنصور الحسين وبأمر منه في عام1140هـ/1728م([42]).

ولما كانت الزعامات القبلية تمتلك ثقلًا مجتمعيًا وتأثيرًا فقد حرصت السلطة الحاكمة في الدولة القاسمية على إقامة علاقات وديَّة معها؛ خشية تأييدها لأي ثائر علوي يخرج للمطالبة بالإمامة، سواء من داخل الأسرة القاسمية أو من خارجها([43])، فضلًا عن رغبة السلطة في المحافظة على الأمن، وتحقيق الاستقرار، وتأمين الطرق التجارية من هجمات أبناء القبائل وتجاوزاتهم؛ وقد حققت الدولة بهذه السياسة جملة من المكاسب، لكن تلك العلاقات الودية كانت أحيانًا تنقلب إلى عداء وصدام مسلح، ومن الأمثلة على ذلك قبائل أرحب([44]) التي كانت علاقتها ودية بالدولة القاسمية في عهد الإمام المتوكل القاسم بن الحسين، ولكنها قامت بحركة عصيان وعاثت في صنعاء فسادًا ؛ فجرى قتال شديد بينها وبين قوات الإمام المتوكل القاسم بن الحسين التي تمكنت من هزيمتها وإجلائها من العاصمة في عام 1138هـ/1726م([45])، لكن تلك القبيلة استنصرت بقبائل حاشد وبكيل، التي حاصرت صنعاء في عام 1139هـ/1727م، ولم يفك الحصار عن صنعاء إلا بعد أن دُفعت لتلك القبائل الأموال([46]).

وكان دفع الأموال لزعماء القبائل طريقة لجأت لها الدولة القاسمية عندما تعجز عن مواجهة تلك القبائل، وحتى تلزم السكينة وتكف عن الاعتداء على الرعية، ويشير الشيخ أحمد بن محمد قاطن إلى أن الإمام المهدي العباس قد ذكر لهُ حال الدولة مع حاشد وبكيل وغيرهما من القبائل “وأنه لو يقطع عليهم شيء لقامت عليه القيامة، ولرموه عن قوس واحدة بالعظائم”([47]).

وللمحافظة على توازن القوى لجأ أئمة الدولة القاسمية إلى استخدام مبدأ فرق تسد بين القبائل للمحافظة على توازن القوى القبلية بما يخدم مصالحهم الشخصية، ويضمن ولاء تلك القبائل؛ لذا كانت السلطة السياسية تحرض القبائل بعضها على بعض مستغلة أي خلاف ينشأ بينها، وهو ما حال دون قيام تجمع قبلي قوي يتصدى لحكمها أو ينافسها([48])، كما استفادت السلطة السياسية من عدم قبول زعماء القبائل سيطرة أيٍّ من أقرانهم على السلطة([49]).

وعمل أئمة الدولة القاسمية على ترسيخ سياسة الطاعة في نفوس أبناء القبائل بحسبانها مبدًا دينيًا، وأن طاعة الإمام من طاعة الله ونبيه الذي يتصل نسبهم بنسبه، ومن ثم عدّوا الخروج بغيًا يجب ردع من يرتكبه؛ ولذلك نجد أنهم انتهجوا سياسة القمع والقسوة الشديدة في معاقبة القبائل المتمردة عليهم، وأباحوا أموالها نهبًا وسلبًا([50])، مستفيدين من فتاوى بعض العلماء الذين عدوا أفراد تلك القبائل بغاة لكونهم يحتكمون إلى أحكام طاغوتية في ممارستهم الاجتماعية([51])، ولقد وصفهم العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني([52]) وهو أحد كبار العلماء في الدولة القاسمية بقوله: “… أما هؤلاء الأعراب الجفاة فأكثرهم لا يصلي ولا يصوم، ولا يقوم بفرض من فروض الإسلام سوى الشهادتين على ما في لفظه بهما من عوج”([53])، لذا حض العلماء السلطة في صنعاء على التعامل مع القبائل بكل قوة، وكانت الفتاوى هي الغطاء الشرعي والقانوني الذي يمنح الدولة حرية التصرف ويرفع عنها الحرج، وكان بعض العلماء يرى أن قتال تلك القبائل واجب شرعي على كل قادر على قتالهم([54]).

ومن الفتاوى التي صدرت في حق القبائل فتوى العلامة الشيخ يحيى بن صالح السحولي في عام 1195هـ/1781م بقتل وصلب جماعة من قبائل خولان، سبق لها أن أعلنت عصيانها بحجة قطع مخصصاتها السنوية، وقامت بمهاجمة منطقة آنس ونهبت الأهالي وقطعت الطرق وخوفت المسافرين([55]).

ومن الأمور التي استفاد منها أئمة الدولة القاسمية لإحكام سيطرتهم على اليمن صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي عانت منها قبائل المناطق الشمالية، فضلًا عن استغلالهم الطبيعة الجغرافية والمناخية القاسية لتلك المناطق لتسليط قبائلها بشتى الوسائل على المناطق الجنوبية والوسطى الخصبة زراعيًا والغنية اقتصاديًا([56]).

وهذه السياسات والأساليب التي انتهجها الأئمة لبسط سيطرتهم على القبائل وضمان عدم الخروج عليهم لم تكن حلًا ناجعًا لمنع التمرد، فقد وُجدت أسباب دفعت هذه القبائل إلى التمرد على طاعة الأئمة والخروج عليهم باستمرار، بعض هذه الأسباب ترجع أساسًا إلى طبيعة النظام السياسي والاجتماعي لهذه القبائل التي كانت تتميز بقوة روابط الدم والقرابة، فضلًا عن استقلالها الذاتي، ورفض الخضوع لسلطة الدولة المركزية ونظمها الإدارية، والقانونية؛ الأمر الذي جعل هذه القبائل مجتمعات سياسية مستقلة نوعًا ما، ولها حدودها ومراعيها المعروفة، وتنظيمها السياسي والاجتماعي، وهو ما وفر لها شرعية شعبية([57]).

إن محاولات الأئمة الدائمة إخضاع القبائل وإدخالها تحت سلطتهم بالقوة، فضلًا عن حصول فترات الجفاف والقحط، كانت سببًا لنشوب الحروب والمعارك بين السلطة المركزية والقبائل، وكثيرًا ما كانت المدن الكبيرة في المناطق الوسطى والجنوبية عرضة لهجمات القبائل وحصارها([58])، وكذلك كانت الخلافات القبلية والتنافس سببًا لعدم الاستقرار في البلاد حتى بات ظاهرة مهمة لكل الصراعات اللاحقة بين تلك القبائل([59])، مما أثر على الأوضاع الاقتصادية والأمنية في الدولة القاسمية.

ومن الأمور الملاحظة في تاريخ الدولة القاسمية أن سلطتها السياسية استندت إلى العلماء والزعامات القبلية بوصفهما عنصرين أساسين في تركيبتها البنيوية السياسية؛ وعقدت معهما تحالفًا قائمًا على تبادل المصالح؛ يضمن لكل الأطراف تحقيق المصالح السياسية والدينية والاقتصادية الخاصة. ومن غير المستبعد وجود صراع قوي داخل ذلك التحالف خاصةً بين الزعامات القبلية التي تعدُّ القوة العسكرية للسلطة السياسية، وبين العلماء الذين يعدون القوة الإيديولوجية لذات السلطة؛ لكن الذي يظهر أن العلماء لم يكونوا ليسمحوا للزعامات القبلية مشاركتهم في نفوذهم وسيطرتهم على الدولة والمجتمع؛ لأنهم يستمدون قوتهم من المكانة المرموقة والشعبية الكبيرة داخل المجتمع وبين العامة، خاصة في المناطق الحضرية، كصنعاء؛ لأن سكان تلك المناطق ينظرون إلى تلك القبائل نظرة عدائية بسبب اعتداءاتها المتكررة على مناطقهم؛ ومن المحتمل أن يكون هذا الأمر هو ما دفع بعض الأئمة إلى تشكيل فرق عسكرية نظامية من المماليك الأحباش، بهدف التقليل من الاعتماد على القبائل في بعض العمليات والتحركات العسكرية التي يلجؤون إليها من حين لآخر ضد خصومهم، لكن ذلك لم يلغِ دور زعماء القبائل الذين هم عنصر مهم في مكونات التركيبة البنيوية السياسية للدولة القاسمية.

سادسًا/ الأمراء المماليك:

شكَّل الأمراء المماليك جزءًا من التركيبة البنيوية السياسية في الدولة القاسمية، ومعظمهم من الأفارقة، ومن الأحباش على وجه التحديد، الذين نالوا حريتهم من أسيادهم من الأئمة والأمراء القاسميين، لكنهم بقوا في خدمتهم، على أن بعضهم قد تمذهب بالمذهب الزيدي الذي كان مذهبًا رسميًا للدولة القاسمية.

وهذه الفئة المجتمعية اعتمد عليها عدد من الأئمة القاسميين في الإدارة والجيش وجباية الضرائب([60])، فعُيِّن عدد منهم ولاة على المدن، وعين بعضهم الآخر قادة للفرق العسكرية في الجيش والأمن والحرس الخاص. وتعدُّ الاستعانة بهؤلاء في شغل هذه الوظائف أمرًا مستحدثًا؛ لم يعرف في عهد الدولة القاسمية المبكر، في عهدي الإمام المنصور القاسم بن محمد، وابنه الإمام المؤيد محمد خاصةً، وإنما بدأ عند وصول الإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم إلى سدة الحكم في عام 1054هـ/1644م، حيث لجأ إلى الاستعانة بعدد منهم. ومن أشهر الأمراء المماليك الذين التحقوا بخدمة الدولة القاسمية في عهده، النقيب سعيد بن فرحان([61])، الذي عُيِّن واليًا على المخا، ثم عمل مسؤولًا عن خزانة بيت المال، والنقيب عثمان بن زيد، الذي تولّى قيادة عدد من الفرق العسكرية، والنقيب الحاج فرحان بن عبدالله، الذي تولى إمارة قافلة الحج اليمنية لمدة خمس عشرة سنة([62]). ثم زاد الاعتماد عليهم كثيرًا في عهد الإمام المهدي محمد بن المهدي أحمد (صاحب المواهب)؛ وخاصةً في الفرق العسكرية، حتى قيل عن فرقة الفرسان في عهده: “الخيل كانت ألف عنان أكثر ركابها من السودان”([63]).

واستمر اعتماد الأئمة القاسميين على الأمراء المماليك في عهد الإمام المهدي العباس بن الحسين (1161-1189هـ)؛ ومن أشهرهم الأمير الكبير الماس المهدي أحد أعيان الدولة وقائد الجند في صنعاء([64])، والنقيب جارالله قائد فرقة الخيالة، فضلًا عن أن بعضهم عينوا ولاة على بعض المدن والموانئ، ومنهم الأمير وفق الله الذي تولى أمر ميناء الحديدة، في حين تولى الأمير فرحان أمر ميناء اللُّحَيّة، ثم خلفه الأمير الماس بن عبدالرحمن([65])، وتولى الأمير سعد بن يحيى العُلُفي ولاية رَيْمة وولاية المَخَا([66]).

وشهد عهد الإمام المنصور علي بن العباس (1189-1224هـ) التحاق عدد كبير من الأمراء المماليك بخدمة الدولة بشكل لافت، ومن أبرزهم الأمير فيروز، والأمير سرور، والنقيب ريحان، والنقيب جوهر، والأمير زياد، وقد عملوا قادة للفرق العسكرية([67])، كما عين بعضهم ولاة ومنهم: الأمير يسر بن الماس، والأمير سعد بن زياد، والأمير سعد([68]). ويظهر أن السبب في تولي هؤلاء الأمراء المماليك المناصب الإدارية والعسكرية المهمة يرجع إلى الكفاءة والقدرة الإدارية والعسكرية التي يمتلكونها، فضلًا عن الولاء والطاعة لسادتهم لكونهم مماليك لهم، وسهولة عزلهم ومصادرة أملاكهم في أي وقت، إذا حدث منهم أخطاء أو ظهر منهم عصيان([69])؛ على أن بعضهم في مدة ضعف السلطة المركزية، كان يرفض قرار عزله وتنحيته عن منصبه؛ خاصةً ولاة المناطق النائية والبعيدة عن العاصمة، لكنهم يرضخون في النهاية إلى الأمر الواقع؛ لأنهم لا يملكون قوة تسندهم، ولا يتكئون إلا على السلطة السياسية؛ لذلك كانوا شديدي الالتصاق بها لدرجة كبيرة، ومن الأمثلة على ذلك الأمير سلطان بن حسن عامل المخا، الذي قاوم محاولة الأمير أحمد بن المنصور عزله عن المخا، بعد تولي الأخير إدارة شؤون الدولة إثر تنازل والده عن صلاحياته، إذ لم يعترف الأمير سلطان بصلاحيات الأمير أحمد بن المنصور في إدارة شؤون البلاد، بل لم يرسل الضرائب إلى صنعاء، وكانت عنده ميول للاستقلال بأمر المخا، لكن وفاة الإمام المنصور علي وتولي الأمير أحمد الإمامة في رمضان عام 1224هـ/ أكتوبر 1809م([70])، جعلت الأمير سلطان في نهاية المطاف يرضخ لقرار عزله الذي أصدره الإمام المتوكل أحمد([71]).

لقد أسهم بعض المماليك الأحباش في تأجيج صراع القوى الذي كان يظهر داخل تركيبة السلطة السياسية في الدولة القاسمية بين الفينة والأخرى، فكانوا يدعمون قوىً على حساب قوىً أخرى وفقًا لمصالحهم، يضاف إلى ذلك أن العامل المذهبي قد أثّر على مواقفهم؛ ولذا نجد أن بعضهم كان يتعصب للمذهب الزيدي الهادوي تعصبًا شديدًا، فتراهم يميلون إلى ذاك الأمير أو الوزير على قدر تمسكه بأصول المذهب الزيدي الهادوي، ومن أبرز هؤلاء المماليك سندروس الحبشي، وضرغام الحبشي، فقد عُرِف عن الاثنين المغالاة في التشيع([72])، كما انتسب بعضهم إلى أهل العلم، مثل: الفقيه رزق بن سعدالله الصنعاني([73])، الذي كان يميل إلى التيار الزيدي المتشدد([74]) متأثرًا بآراء شيوخه الذين درس عليهم([75]). وفي المقابل نجد بعض المماليك قد مالوا نحو التيار الزيدي المعتدل([76])، ومن أمثلة هؤلاء: النقيب سلطان الحبشي المسؤول عن دار الأدب في صنعاء، وقد أدى هذا القرب من السلطة السياسية إلى انخراط هؤلاء المماليك في الصراع الذي ظهر بين التيارات الفكرية داخل الدولة القاسمية، وبرز التنافس بينهم، وبين السادة العلويين والزعامات القبيلة، على قيادة العمليات العسكرية والقتالية التي كانت تقوم بها الدولة القاسمية ضد أعدائها.

لقد ساعدت التركيبة البنيوية السياسية للدولة القاسمية على رسم ملامح شرائح المجتمع فيها، وفرزها على النحو الآتي: أسرة حاكمة، تتمثل في الإمام وأبنائه وإخوته وأبناء عمومته؛ وهم في الطبقة الأولى، ثم الأعيان من السادة العلويين والعلماء وزعماء القبائل، فضلًا عن قادة الجيش من أبناء الريف والأمراء المماليك؛ وهؤلاء كانوا في الطبقة الثانية، وهؤلاء يمكن تسميتهم بالخاصة أو أهل الحل والعقد. أما الطبقة الثالثة فهم الرعية أو العامة، والتي تكونت من أبناء القبائل –وهم الغالبية- وأبناء المدن والأرياف، وقليل من اليهود الذين تعود جذورهم في اليمن إلى ما قبل الإسلام، وتجار من طائفة البانيان([77]) وجماعات من الأحباش، الذين شكلوا مجموعات تعمل في مجال الإنتاج والتجارة وبعض المهن، وهي فئة مرتبطة بالجماعات السياسية المحلية([78])، وقد أشار أحد المفكرين اليمنيين المتأخرين إلى أن الدولة القاسمية كانت تستند استنادًا واضحًا إلى نهج سياسي قام على التعددية المذهبية والجهوية والعشائرية حتى تضمن بقاءها واستمرارها في الوجود([79])، ويظهر أن هذا النهج السياسي في الحقيقة قائم على مبدأ فرق تسد من أجل المحافظة على سلطتها ومصالحها.

ثانيا/العوامل التي ساعدت على بروز مكانة العلماء في البنية السياسية بالدولة القاسمية:

ظهرت عدة عوامل ساعدت على بروز مكانة العلماء في البنية السياسية بالدولة القاسمية، ومكنتهم من المشاركة في إدارة البلاد والإسهام في صنع بعض القرارات، وأبرز تلك العوامل:

1- النهضة العلمية في اليمن:

شهد اليمن منذ القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، ظهور جيل من العلماء برعوا في شتى المعارف والعلوم، كعلوم القرآن الكريم، والتفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، واللغة العربية، والأدب، والتاريخ، والفلك. ومن الأسباب التي أسهمت في النهضة العلمية في اليمن:

أولًا: الاستقلال عن النفوذ العثماني في الجزيرة العربية بعد جلاء القوات العثمانية عن اليمن عام 1045هـ/1635م، ودخول البلاد مرحلة الاستقرار السياسي في عهدي الإمام المؤيد محمد بن القاسم، والإمام المتوكل إسماعيل بن القاسم.

ثانيًا: انتشار الهجر العلمية في مختلف أرجاء البلاد، إذ كانت تمثل مدارس ومراكز علم مستقلة في طرحها العلمي والفكري عن السلطة السياسية، ومن أشهر هجر العلم في اليمن: الكِبْس([80])، وشَوكان([81])،وسُودَة شَظَب([82])، ووادِعة([83])، والبيوتات العلمية في بيت الفَقِيه([84])، وقد أصبحت هذه الهجر العلمية رافدًا للمراكز العلمية القديمة في اليمن، مثل: صنعاء، وتعز، وزبيد، وذمار، وصعدة، وغيرها، ويذكر الأكوع أن “سبب ازدهار العلم في اليمن من غير انقطاع يعود إلى أن هجر العلم كانت في منأى عن ميادين الصراع على الحكم، وبعيدة عن مسرح التنافس والنزاع على السلطة، فلم تتعرض تلك الهجر إلى زحف جيوش المتصارعين على الحكم والسلطة، ولا إلى غارات واعتداءات القبائل المتعطشة للسلب والنهب”([85]).

ثالثًا: تشجيع الأئمة الأوائل في الدولة القاسمية أبناء الأسرة الحاكمة على طلب العلم والانشغال به، وإعدادهم ليكونوا على قدر كبير من تحمل المسؤولية في إدارة شؤون البلاد، فضلًا عن تشجيع العلماء الزيود على التأليف والبحث من أجل المحافظة على بقاء المذهب الزيدي، ومن ذلك سعي الإمام المؤيد محمد بن القاسم إلى إحياء المدارس العلمية، وتشجيع العلماء على نشر العلم، وتحفيز طلبة العلم والتكفل بنفقاتهم([86])، كما اهتم الإمام المتوكل إسماعيل بالعلم، وحرص على تأليف الكتب وشرائها، ويُذكر أنه عند وفاته ترك مكتبة ثمينة أوقف ثلثها، وقسم على الورثة ثلثيها اللذين بلغا خمسة وعشرين ألف مجلد([87]).

ولم تقتصر العناية بالعلم على علماء الزيدية؛ لأننا نجد أن العلماء الشوافع قد عملوا على المحافظة على وجودهم بمقاومة المد الزيدي السياسي والفكري على مناطقهم، فبرزت زبيد مركزًا علميًا للمذهب الشافعي؛ واللافت للنظر أنه من خلال تتبع تراجم بعض العلماء وطلبة العلم الزيود يظهر أن عددًا منهم قد درسوا في زبيد على أيدي علمائها لاسيما في علم الحديث وأسانيده([88]).

رابعًا: رحيل عدد من العلماء وطلبة العلم إلى خارج اليمن من أجل طلب العلم، ولاسيما إلى الحجاز؛ حيث الحرمان الشريفان، فقد كانا من أهم المراكز العلمية في الجزيرة العربية، بل في العالم الإسلامي، وتشير كتب التراجم اليمنية إلى أن عددًا من العلماء وطلبة العلم اليمنيين درسوا على علماء الحرمين ونالوا إجازات علمية.

خامسًا: إقبال الناس على التحصيل العلمي، وشراء الكتب واقتنائها ونسخها وتجليدها والاهتمام بها، حيث أولى بعض الموسرين من أفراد الأسرة القاسمية وغيرهم عناية باقتناء الكتب وتحصيل العلم والتشجيع عليه، ووقف كثير منها على طلاب العلم وشيوخه في خزائن الهجر، ومكتبات الجوامع الكبيرة في صنعاء وذمار ويريم وتعز وصعدة وزبيد، وغيرها من المدن والحواضر الأخرى([89]).

2- المكانة الدينية والعلمية والاجتماعية للعلماء في الدولة والمجتمع:

تمتع بعض العلماء -ممن نالوا قدرًا كبيرًا من العلم- خاصةً الذين وصلوا إلى مرحلة الاجتهاد-بمكانة دينية وعلمية داخل طبقة العلماء، وأصبحت لآرائهم وأفكارهم التي يطرحونها صدىً لدى الخاصة والعامة، فضلًا عن غزارة نتاجهم العلمي والفكري، وبالتحديد علماء الزيدية الذين كان لهم القدح المعلّى؛ لكون المذهب الزيدي هو المذهب الرسمي للدولة القاسمية، وبسبب ذلك كان تأثيرهم الروحي والعقدي كبيرًا؛ فضلًا عن أن الدين الإسلامي رفع من قدر العلم وأهله وهو ما منح طبقة العلماء مكانة مرموقة داخل بنية الدولة القاسمية.

وتركزت مهمة العلماء على تحقيق سلامة عقيدة الناس، والحرص على تصحيح الخلل في تلك العقيدة إن وجد، وتوجيه الناس لكل ما يمسُّ الأعمال التعبدية كالصلاة والزكاة والصيام، تحقيقًا لأهداف سامية كإقامة الشعائر الإسلامية والمحافظة على الدين القيم والعقيدة. وكان العلماء يرون أنفسهم من أصحاب الحل والعقد؛ وهذا أمر ترسخ لديهم بسبب رسوخ تلك المقولة في عقول الناس اعتمادًا على ما كان سائدًا في الموروث الفقهي الإسلامي، وتقريب السلطة لهم، فهم يعدون أنفسهم أيضًا وسطاء بين الحاكم والرعية؛ لأن الإجراءات الرسمية (البروتوكولات) كانت سببًا في عزل الحاكم عن الرعية([90]).

إن تركيز العلماء على مركزية علوم الشريعة قد مكَّنهم من تحقيق النجاح والسيطرة على جميع مجالات المعرفة لاسيما العلوم المرتبطة بها، مثل علوم اللغة العربية والشعر والأدب والتاريخ والجغرافيا والفلك وغيرها من العلوم، كما نجحوا في السيطرة على المدارس وحلقات العلم في المساجد على حساب السلطة السياسية التي كانت معظم المدارس وحلقات العلم في المساجد خارج نفوذها وتأثيرها.

وأدرك أئمة الدولة القاسمية مكانة العلماء الدينية والعلمية ودورهم، فعملوا على إجلالهم وتقديرهم وتقريبهم، ومن أولئك الأئمة الإمام المهدي العباس (1161-1189هـ/1748-1775م) الذي كان يميل إلى أهل العلم، ويحب مجالسة العلماء، ويتقرب منهم، وكان يرى الفضل لأهل العلم على الإطلاق([91])، وكان مشتغلًا بالعلم بعد توليه الإمامة اشتغالًا كبيرًا من خلال الاطلاع على الكتب والقراءة على عدد من العلماء لاسيما في علم الحديث، ومن أبرز هؤلاء العلماء الذين حرص على تقريبهم ومجالستهم العلامة السيد عبدالله بن لطف الباري الكبسي([92])، الذي كان مقبول الكلمة عنده، ولا ترد لهُ شفاعة، وهو ممن اشتهر عند الناس بالإرشاد إلى الخير([93]). وكان للعالم علي بن أحمد الذماري([94])، جاه عظيم عند الإمام المهدي العباس وأرباب دولته، كذلك كان العالم السيد الحسن بن زيد الشامي([95])، مقبول الكلمة عند الإمام المهدي العباس، وعند وزيره أحمد بن علي النهمي، في القضايا التي تخص الفقراء والمحتاجين من عامة الناس، ومن نصحه لهما أنه كان يدعوهما إلى الرفق بالرعية ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر([96])، كما كان العلامة السيد إبراهيم بن محمد بن الأمير، يزور الإمام المهدي العباس ويعظه، فيقبل منه، وبلغ الأمر أن الإمام المهدي العباس بات لا يحتجب عنه، ويرغب في مجالسته والاستماع إليه([97]).

أما الإمام المنصور علي (1189-1224هـ/1775-1809م)، فقد أحاط نفسه بعدد كبير من العلماء، فكان يأنس بمجالستهم ومحادثتهم ومشاورتهم، ومن هؤلاء العلماء -على سبيل المثال لا الحصر-القاضي العلامة محمد بن صالح أبي الرجال([98])، والذي عرف عنه كثرة إنكار المنكر على مرأىً ومسمع من الإمام المنصور علي([99])، كذلك حرص كل من الإمام المتوكل أحمد (1224-1231هـ/1809-1816م) وابنه الإمام المهدي عبدالله (1231-1251هـ/1816-1835م) على إحاطة نفسيهما بعدد من العلماء ومن أشهرهم العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني، والعالم السيد محمد بن الحسن المحتسب([100])، والأخير كان من أبرز جلساء الإمامين المتوكل أحمد وابنه الإمام المهدي عبدالله، حتى أنه بات مرافقًا شخصيًا لهما([101])، كما كان الشيخ محمد بن مهدي الحماطي من المقربين من الإمام المهدي عبدالله بل من أبرز جلسائه، وقد قرأ عليه بعض المختصرات العلمية([102])، ومن أبرز جلساء الإمام المهدي أيضًا، العالم محمد بن صالح العصامي([103])، والعالم محمد بن مهدي الصنعاني([104]).

إن المكانة الاجتماعية في المجتمعات تُكتَسب بفعل عدد من العوامل بعضها سياسية أو اقتصادية أو علمية أو بالنسب، وإذا تتبعنا مكانة العلماء في عهد الدولة القاسمية نجد أنهم قد تمتعوا بمكانة اجتماعية مميزة ومرموقة معترف بها وبعلمها في المجتمع؛ نظرًا لنشاطهم في مجال التعليم والفتيا، وهو ما منحهم سلطة فكرية مستقلة عن الإمامة خاصةً بعد فترة الضعف التي مرَّت بها مؤسسة الإمامة نتيجة الصراع على الحكم وتحولها إلى سلطة وراثية وحكم أسري منذ أواخر القرن الحادي عشر الهجري؛ ففي هذه المدة لم يعد بمقدرة الأئمة التدخل في شؤون العقيدة والشريعة والأحكام القضائية والفتيا، بل أصبحوا مجرد حماة للشريعة، وساهرين على حفظ الأمن، وتطبيق الحدود الشرعية، مع الاحتفاظ بحقوقهم في تحصيل الزكاة.

كان الناس ينظرون إلى العلماء على أنهم الطبقة الاجتماعية الأولى في الاقتداء، وهذا مؤشر على تأثيرهم الكبير والثقة العميقة تجاههم، فقد كانوا يرونهم أكثر فئات المجتمع تمسكًا بتعاليم الإسلام وأحرصهم على تطبيق مبادئه([105])؛ يضاف إلى ذلك أن تأثير العلماء الروحي والعقدي أعطاهم القدرة على حشد العامة، وهو ما منحهم مزيدًا من القوة داخل المجتمع، وقد تنبهت السلطة السياسية لمكانتهم وحاولت الاستفادة منهم فيما يخدم مصالحها.

أما العلماء فكانوا يرون أنفسهم دعاة إصلاح، ولذا خالطوا الناس، وقربوا منهم، وكانوا يفتونهم ويوجهونهم؛ لأنهم يعدون ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالشق الأول من هذه الشعيرة يقتضي تعليم الناس، وإرشادهم، وتفقيههم في دينهم، وحثهم على البر والإحسان وقضاء الحوائج والمشاركة الإيجابية الفاعلة في الحياة بوجه عام، أما الشق الآخر وهو النهي عن المنكر فيقتضي منهم تنبيه الناس إلى ما يقعون فيه من خطأ أو ظلم على الصعيد الشخصي أو على الصعيد العام، وفي هذا السياق كانوا يوجهون النقد لبعض سياسات الأئمة، ومن ذلك موقف العلماء من حالة البذخ والأبهة والإسراف التي وصلت لها الدولة في بعض المراسم والاحتفالات الرسمية، التي كانت على حساب الرعية، الذين تفرض عليهم الضرائب والغرامات والمصادرات من أجل تلبية مصاريف السلطة([106]).

ومن المهام التي عني بها العلماء الإصلاح بين الناس عند تنازعهم وتخاصمهم، وهذا الأمر ترك أثرًا إيجابيًا على علاقتهم بالمجتمع، ولم يكن الإصلاح مقتصرًا على العامة بل كان لهم دور في الإصلاح بين أفراد الأسرة الحاكمة وبين السادة العلويين والأعيان، ومنها مصالحة الإمام المتوكل القاسم بن الحسين بعد خروج بعض أمراء الأسرة القاسمية على سلطته من أبرزهم العلامة محمد بن إسحاق، لكنه تمكن من تسوية أموره معه بدون قتال، بعد وساطة بعض أفراد الأسرة القاسمية والعلماء([107]).

كذلك تدخل العلماء في حل الخلافات التي كانت تنشب بين الفينة والأخرى بين الإمام المنصور حسين وأخيه أحمد بن المتوكل القاسم حاكم تعز، وهو ما ساعده على الاستمرار في الحكم حتى وفاته في عام 1161هـ/1748م([108])،كما تدخل العلماء للمصالحة بين الإمام المهدي عبدالله وبين قبائل بكيل والقبائل المتحالفة معها في عام 1233هـ/1818م بعد حصارها لمدينة صنعاء([109]).

وكان للعلماء دور في إصلاح العادات والأخلاق الاجتماعية وتهذيبها عن طريق المخالطة والوعظ والتأديب والتربية، فضلًا عن وقوفهم إلى جانب الضعفاء والمساكين عند أصحاب النفوذ؛ لأنهم كانوا يشعرون بالمسؤولية نحو فئات المجتمع كلها، وهذه المهام التي كان العلماء يؤدُّنها جعلت لهم أثرًا كبيرًا عند العامة والخاصة؛ لأن ما يفعلون أسهم في التصحيح والنقد لحركة المجتمع وإصلاح أحواله. وهناك عدد من العلماء الذين اشتهروا بمواساة الفقراء من عامة الناس ومخالطتهم والجلوس إليهم والإصلاح بينهم، منهم العلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، والعالم الحسن بن علي حنش([110])، والعلامة السيد محمد بن هاشم الشامي([111])، والعلامة هادي بن حسين الصنعاني([112])، والعلامة السيد إبراهيم بن محمد بن إسحاق([113]).

 كذلك اشتهر العلامة السيد إبراهيم بن محمد الأمير([114])، بمجالسة العامة والاختلاط بهم، وتعليمهم أمور دينهم، ومثله العالم الفقيه أحمد بن محمد الحرازي([115])، الذي اعتمد الناس عليه في الفتوى، وقصدوه لحلِّ المشكلات من كل مكان، وانتفعوا به في قضاء حوائجهم([116]).

3- التحاق العلماء بالعمل في وظائف الدولة الرسمية:

أتاحت المكانة الدينية والعلمية والاجتماعية التي حظي بها العلماء في عهد الدولة القاسمية لهم تقلد مناصب رسمية والعمل داخل مؤسسة الحكم، والالتحاق بعدد من الوظائف الإدارية المهمة، مثل: الوزارة، والقضاء، والولاية، والشؤون الخاصة (الحجابة)، والشؤون المالية (الخزانة)، فضلًا عن أن السلطة السياسية كلفتهم ببعض المهام، فعملوا وسطاء ومفاوضين ومبعوثين. وأشارت المصادر التاريخية إلى أن أئمة الدولة القاسمية كانوا أيضًا يُعينون بعض العلماء قضاة يأخذون أجورهم من المتخاصمين([117]).

لقد حاول أئمة الدولة القاسمية كسب العلماء واحتواءهم عبر إشراكهم في أعمال الدولة ومنحهم المناصب خوفًا من التحاقهم بالمنافسين من داخل الأسرة القاسمية أو السادة العلويين، ومن أشهر العلماء الذين دخلوا في خدمة الدولة الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الشامي، والشيخ إسماعيل بن يحيى الصديق، والشيخ أحمد بن محمد قاطن، والشيخ ناصر بن حسين المحبشي، والشيخ يحيى بن صالح السحولي، والشيخ محمد بن علي الشوكاني، ومعظم هؤلاء سبق لهم أن تقلدوا رئاسة القضاء الأكبر، التي تعد من أهم الوظائف الرسمية في الدولة القاسمية، وبعضهم جمع بين رئاسة القضاء الأكبر والوزارة.

4- تحول الإمامة في الدولة القاسمية إلى سلطة وراثية وحكم أسري:

ساعد تحول الإمامة إلى سلطة وراثية وحكم أسري على بروز دور سياسي للعلماء في الدولة القاسمية بل كان عاملًا رئيسًا ومهمًا، لاسيما بعد فقدان الأئمة المتأخرين في الدولة القاسمية مقومات الإمامة السياسية والدينية التي كانت تمنحهم الشرعية في الحكم، والمتمثلة في أهم عنصرين هما: العلم والاجتهاد، إذ أصبح تفسير الشريعة وإصدار الأحكام الشرعية والإفتاء من مهام العلماء، وهو ما دفع الأئمة إلى الاستعانة بهم وتقريبهم من السلطة حتى أصبحوا جزءًا منها لتغطية النقص الذي باتت تعاني منه، ولأنهم أدركوا أن دعم العلماء لهم يمنحهم الشرعية السياسية والدينية لذلك لابد من احتوائهم.

 لكن سياسة الاحتواء وإشراك العلماء في أعمال الدولة لم تنجح دائمًا، ولذا نجد أن بعض العلماء الذين اعتزلوا الاتصال بالسلطة، كانوا يوجهون النقد لها، وإلى من اتصل بها من أقرانهم، ولا يعلم إن كان ذلك التحول من هؤلاء العلماء زهدًا وورعًا منهم بالفعل، أو أنه نقمة وعدم رضا عن السلطة؛ لأن المصادر لم تشر بوضوح إلى موقفهم، ومن أبرز هؤلاء العلماء السيد أحمد بن صلاح الخطيب([118])، الذي اعتزل الاتصال بالسلطة، وأصبح يحذر من الاتصال بها، واعتذر عن قبول عطاياها بزعم خوفه من اختلاطها بالزكاة التي لا تحلّ للسادة العلويين([119])، ومنهم العلامة السيد محمد بن هاشم الشامي الذي رفض –أيضًا- الالتحاق بالوظائف الرسمية بعد أن عرضت السلطة عليه الأمر أكثر من مرة([120])، وكان العلامة الفقيه إبراهيم بن أحمد الروضي([121])، قد اعتزل الاتصال بالسلطة ولم يقبل من عطاياها، وسبق أن استدعاه الوزير القاضي الحسن بن علي حنش أكثر مرة لكنه اعتذر؛ فلما أصر الوزير على لقائه ذهب إليه؛ فلما جلس عنده قال للوزير:اتق الله تعالى، واعلم أن الله استعملك على ما أنت فيه، وأنه ناظر ماذا تعمل، فلا يجدك بمحل آخر([122])، وقام عنه، فطلب الوزير منه الدعاء له، فدعا بهذه الآية: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، وكررها ثلاث مرات، ثم قام عنه([123])، كذلك رفض العلامة الحسن بن إسماعيل الصنعاني([124])، تولي القضاء في عهد الإمام المهدي العباس، وصمم على الامتناع والرفض([125])، كما رفض القاضي العلامة عبدالقادر بن حسين الشويطر([126]) العمل في القضاء بعد أن عرض عليه الإمام المهدي العباس ذلك([127]).

تطرح مواقف العلماء الذين اعتزلوا الاتصال بالسلطة ورفضوا الالتحاق بالوظائف الرسمية التساؤل الآتي: هل كانت السلطة السياسية تنظر إلى العلماء كحلفاء أو كمنافسين حتى تكسب رضاهم أو تحتويهم؟

إن نظرة السلطة إلى العلماء كانت متفاوتة؛ وسبب ذلك راجع إلى مكانة العالم الاجتماعية، فإن كان ينتسب إلى طبقة السادة العلويين، فإن السلطة السياسية في صنعاء تنظر إليه منافسًا؛ لاسيما إذا ظهر منه ما يدل على سخطه على الدولة أو نادى بإسقاطها، أما إن كان لا ينتمي إلى هذه الطبقة فإنها تنظر إليه حليفًا يساعدها في المحافظة على سلطتها ونفوذها، واللافت هنا أن بعض العلماء كانوا يتوارثون المناصب الرسمية وخاصةً في القضاء خلفًا لآبائهم؛ وهذا دليل على ولاء هؤلاء العلماء وأسرهم للدولة القاسمية، وهو مؤشر أيضًا على رضا الدولة عنهم، ومن هذه الأسر، أسرة السحولي، والصديق، والجلال، ومشحم.

ويلاحظ أن هناك قسمًا من العلماء الذين كانوا خارج التركيبة البنيوية السياسية للدولة القاسمية، قد شكلوا عنصرًا مهمًا من عناصر المعارضة، فصاروا جماعة ضغط على السلطة السياسية، فمثلًا كان العلامة السيد الحسن بن زيد الشامي يحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان كثير الاتصال بالسلطة السياسية لمناصحتها، والسعي لديها من أجل معاونة الفقراء من عامة الناس([128])، وسار على نهجه العالم أحمد بن عامر الحدائي([129])؛ إذ كان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، إلا أنه اعتزل الاتصال بالسلطة السياسية، وقد أثر عنه أنه كان يغضب من السلطة إذا بلغه ما يخالف الشرع من ممارساتها ضد الرعية([130])؛ وكان العلامة الفقيه سعيد بن إسماعيل الرشيدي([131])، كثير السعاية عند الأمراء والوزراء في إغاثة المحتاجين والفقراء، ويوجه النقد إلى عمال الدولة على مرأى ومسمع من الناس([132])، وكان العالم لطف الباري بن أحمد الثلائي([133])، يزور الإمام المهدي العباس مرة كل شهر للمناصحة، واستمر على هذه الطريقة مع ابنه الإمام المنصور علي([134]).

وتشير المصادر التاريخية إلى أن العلامة السيد إبراهيم بن محمد الأمير ناصح الإمام المنصور علي، عندما زار الإمام في داره ببئر العزب، وأنكر عليه التوسع في البنيان وعمارة القصور وأشياء أخرى، إلا أن الإمام على ما يبدو لم يستجب لتلك المناصحة. ولما كان العلامة إبراهيم الأمير غير راضٍ عن ممارسات السلطة السياسية، غادر صنعاء عام 1194هـ/1780م، متوجهًا إلى مكة المكرمة، وفي رحلته مرَّ بالحديدة، فصادف يوم وصوله يوم الجمعة، فصعد منبر جامع الحديدة وخطب، وذكر للناس انتكاس الزمان وتغير أمر السلطان([135])، وهذا يدل على أهمية مكانة العلماء السياسية في الدولة القاسمية.

لقد أسهمت النهضة العلمية في اليمن خلال القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، والمكانة الدينية والعلمية والاجتماعية للعلماء في الدولة والمجتمع، فضلًا عن التحاقهم بالعمل في وظائف الدولة الرسمية، وكذلك تحول الإمامة إلى سلطة وراثية وحكم أسري منذ نهاية القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)، في بروز مكانةً سياسيةً مهمةً لهم في البنية السياسية بالدولة القاسمية، وهو ما مكنهم من المشاركة في الأحداث السياسية التي شهدها اليمن خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين (السابع عشر والثامن عشر الميلاديين) خاصةً مع تشكل تيارات فكرية سياسية بين العلماء وقفت من قضايا الإمامة واستحقاقها مواقف مختلفة، ومن هذه التيارات التيار الزيدي المتشدد، والتيار الزيدي المعتدل، فما كان من أئمة الدولة القاسمية إلا أن اختاروا التحالف مع علماء التيار الزيدي المعتدل، لأنهم وجدوا أطروحاتهم السياسية تحافظ على سلطتهم ومصالحهم، فقربوهم ومنحوهم المناصب الدينية، كالقضاء والإفتاء والإشراف على الأوقاف والمناصب الإدارية كالوزارات وولايات الأقاليم والحجابة، والمناصب المالية كالخزانة والجبايات، واكتفى الأئمة بإدارة السياسة العليا للدولة وتعيين أولئك العلماء وغيرهم في مناصبهم.

الخاتمة:

تأسست الدولة القاسمية -كسابقاتها من الدول الزيدية في اليمن- على أسس دينية، حينما أقامها العالم المجتهد الإمام المنصور محمد بن القاسم. وقد اهتم خلفاؤه من الأئمة المجتهدين وغيرهم بدعم العلم الشرعي ونشره ورعاية وسائله ومؤسساته وتشجيع العلماء وطلبة العلم وتقريبهم. وقد نتج عن ذلك حركة علمية واسعة في اليمن وبروز علماء مجتهدين خلال القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) والقرنيين التاليين.

في حين افتقر منصب الإمامة في الدولة القاسمية إلى الإمام العالم المجتهد بعد الإمام الثالث، الإمام المتوكل(ت1087هـ/1676م)، واستمرت الحركة العلمية في اليمن في النمو والتوسع، ما أتاح للعلماء رفع مكانتهم في الدولة ومشاركة الأئمة في الأمور الدينية والسياسية والإدارية.

    كان الأئمة من العلماء المجتهدين هم الذي يتولون تفسير النصوص الدينية من القرآن والأحاديث وإصدار الأحكام والفتاوى ويبتون في الأمور الدينية الكبرى في الدولة، فلما افتقد منصب الإمامة العلم والاجتهاد مع نهاية القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) احتاج الأئمة إلى كفاءة العلماء لتولي تلك المهام وشغل المناصب الدينية والسياسية والإدارية في الدولة مثل: القضاء والإفتاء والوزارة وحكم الأقاليم والشؤون المالية.

    تطابقت توجهات ومصالح أئمة القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجري (الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي) الذين صاروا ملوكًا مع توجهات ومصالح علماء التيار الزيدي المعتدل؛ فقربوهم ومنحوهم المناصب الدينية، كالقضاء والإفتاء والإشراف على الأوقاف والمناصب الإدارية كالوزارات وولايات الأقاليم والحجابة، والمناصب المالية كالخزانة والجبايات، واكتفى الأئمة بإدارة السياسة العليا للدولة وتعيين أولئك العلماء وغيرهم في مناصبهم.

    وهكذا أخذت مكانة العلماء في الدولة القاسمية خلال القرن الثاني عشر الهجري، وحتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري (الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي) تتطور في تناسب عكسي مع المكانة الدينية والعلمية للأئمة، واقتسم حكام الشرع المكانة الدينية والاجتماعية في الدولة والمجتمع مع الحكام السياسيين، وصار الحكام السياسيون في حاجة إلى مساعدة حكام الشرع ومساندتهم ودعم شرعيتهم.

([1]) قسم التاريخ جامعة الملك سعود.

([2]) وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية.

([3]) توفي الإمام المنصور القاسم بن محمد في عام 1029هـ/1620م في أثناء صراعه مع العثمانيين، وخلفه في الإمامة ابنه الإمام المؤيد بن القاسم الذي واصل مع إخوته الصراع مع الولاة العثمانيين حتى أخرجوهم من اليمن.

([4]) انظر: يحيى بن الحسين، غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، تحقيق سعيد عبدالفتاح عاشور، دار الكتاب، القاهرة، 1968م، ج2، ص821-833، وسيد مصطفى سالم، الفتح العثماني الأول لليمن، جامعة صنعاء، صنعاء، 2006م، ص425-437، ص445.

([5]) حسين بن عبدالله العمري، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر (922-1336هـ/1516-1918م)، دار الفكر، دمشق، 1988م، ص56-57، سعيد عوض باوزير، صفحات من تاريخ حضرموت، دار الوفاق، عدن، 2012م، ص202، ص220.

([6]) محمد بن علي الشوكاني، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، تحقيق حسين العمري، دار الفكر، دمشق، 2010م، ص164.

([7]) الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسي، ولد في بالمدينة المنورة في عام 245هـ/859م، ودرس وتفقه على عدد من علماء عصره، وانتقل إلى اليمن في عام 280هـ/893م، فوجد فيها أرضًا خصبة لنشر مذهبه، ثم عاد إلى الحجاز بعد أن صار له أتباع في اليمن. وبعد عودته للحجاز نشبت الفتن بين القبائل اليمنية، وحاول القرامطة إقامة دولتهم في اليمن، فقدم إلى الحجاز عدد من مؤيديه اليمنيين لإقناعه بالإمامة والعودة إلى اليمن، للقضاء على القرامطة والفتن التي نشبت بين القبائل، فقبل الهادي يحيى بالإمامة وعاد إلى اليمن، وقام بقتال القرامطة قتالًا شديدًا حتى كسر شوكتهم، كما نجح في القضاء على الفتن بين القبائل ووحد صفوفها، وقيل إن أمير اليمن أبا العتاهية الهمداني، هو من راسله وطلب منه القدوم إلى اليمن، فلم قدم بايعه مع بعض العشائر، فأسس دولته لتكون أول إمامة زيدية عرفها اليمن في عام 284هـ/897م، وقد اشتهر الإمام الهادي يحيى بالعلم الواسع، فألف كثيرًا من المصنفات في المذهب الزيدي، حتى بلغت أكثر من أربعين مصنفًا، ويعد واضع أساس الفقه الهادوي، وإليه تنسب الفرقة الهادوية الزيدية، توفي في صعدة عام 298هـ/ 911م، للمزيد انظر: يحيى بن الحسين الهاروني الحسني، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، ط4، مكتبة أهل البيت، صعدة، 1435هـ/2014م، ص86-100، وعمر بن علي بن سمرة الجعدي، طبقات فقهاء اليمن، تحقيق أيمن فؤاد سيد، دار القلم، بيروت، د.ت، ص79، وأحمد محمد صبحي، الزيدية، ط2، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1404هـ/1984م، ص139.

([8]) الهجر العلمية: هي القرى التي يهاجر إليها العلماء وطلبة العلم هربًا من ضجيج المدن للتفرغ للتدريس والدراسة ونشر العلم حتى أصبحت تشد إليها الرحال من مختلف أرجاء اليمن. انظر: إسماعيل بن علي الأكوع، هجر العلم ومعاقله في اليمن، دار الفكر، دمشق، 1995م، ج1، ص5-9.

([9]) محمد علي الشهاري، اليمن في ظل حكم الإمام المهدي 1097-1130هـ/1686-1718م، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 2008م، ص27.

([10]) انظر: يحيى بن الحسين، بهجة الزمن في تاريخ اليمن، تحقيق أمة الغفور عبدالرحمن الأمير، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1429ه/2008م، ص3، ص1341، ص1352-1398.

([11]) محسن بن الحسن أبوطالب، طيب أهل الكساء، حققه د. عبدالله بن محمد الحبشي ضمن مجموعة من المخطوطات التي تتعلق بتاريخ الدولة القاسمية تحت عنوان: تاريخ اليمن، عصر الاستقلال عن الحكم العثماني الأول 1052-1160هـ، تعز، مطابع المفضل للأوفست، تعز،1411هـ/1990م، ص123، ص221، الشوكاني، البدر الطالع، ص615.

([12]) ابن الحسين، بهجة الزمن، ج3، ص925، عبدالله بن علي الوزير، طبق الحلوى وصحاف المن والسلوى، تحقيق محمد عبدالرحيم جازم، صنعاء، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 2007م، ج2، ص321-323، أبوطالب، طيب أهل الكساء، ج1، ص147.

([13]) البنيوية: اسم مؤنث مأخوذ من كلمة (بنيوي)، وهو اسم منسوب إلى(بنية)، ويقصد به من يدرس البنى ويحلل عناصرها، والبنيوية هي أبحاث ذات علاقة ببناء مجموع معنوي كالدولة والمجتمع وغيرهما، أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1429هـ/ 2008م، ج1، ص252.

([14]) تنسب الزيدية الهادوية إلى الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الرسي، مؤسس الإمامة الزيدية في اليمن أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، ويعتقد أتباع هذه الفرقة أن عليًا وفاطمة والحسنين معصومون وأن إجماعهم حجة، ويعتقدون بإمامة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ووجوب الخروج على الظلمة، ويحصرون الإمامة فيمن قام من أولاد الحسنين وهو جامع لشروط الإمامة الأربعة عشر. انظر: إسماعيل بن علي الأكوع، الزيدية نشأتها ومعتقداتها، دار الفكر، بيروت، 1993م، ص11-18.

([15]) برنارد هيكل،الإصلاح الديني في الإسلام تراث محمد الشوكاني، ترجمة علي محمد زيد، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، 2014م، ص19،

– Mohammed Ahmed Zabarah، Yemen Traditionalism Vs. Modernity، Praeger Publishers CBS Educational and Professional Publishing a Division of CBS Inc. New York.1982، p. 15.

([16]) هيكل، الإصلاح الديني، ص19.

([17]) سبق للإمام المتوكل شرف الدين يحيى بن شمس الدين، أن حاول جعل الإمامة في أسرته (آل شرف الدين) بتعيين ابنه علي وليًا للعهد من بعده، لكن هذه المحاولة أسهمت في إضعاف الدولة وزرعت بذور الشقاق بين أبنائه، ودفعت ابنه الأكبر المطهر إلى الخروج على والده وتحريض القبائل عليه، بل الاتصال بالعثمانيين والتحالف معهم ضد والده. عبدالرحمن بن عبدالله الأحمري، الاستيلاء العثماني الأولى على صنعاء والسيطرة على اليمن (953-954هـ/1547م)، الجمعية التاريخية السعودية، الرياض، 1439هـ/2017م، ص17-18.

([18]) الإمام القاسم بن محمد، الأساس لعقائد الأكياس، تحقيق ألبير نصري نادر، دار الطليعة، بيروت، 1980م، ص164.

([19]) هيكل، الإصلاح الديني، ص91-92.

([20]) أحمد عبدالله عارف، الصلة بين الزيدية والمعتزلة، دار أزال للطباعة والنشر، بيروت، 1987م، ص340-343، محمود علي محسن السالمي، محاولة توحيد اليمن بعد خروج العثمانيين الأول 1045-1097هـ/1635-1685م، الدولة القاسمية، المركز العربي للدراسات الإستراتيجية، دمشق، 2000م، ص150.

([21]) السالمي، محاولة توحيد اليمن، ص150، ص158.

([22]) السالمي، محاولة توحيد اليمن، ص160، ص169، هيكل، الإصلاح الديني، ص43-44،

Shelagh Weir، Tribal Order Politics and Law in the Mountains of Yemen، The University of Texas Press، Texas، 2007، p.238.

([23]) Martha Mundy، Domestic government: kinship، community and polity in North Yemen، I.B. Tauris and Co Ltd، London، 1995، p.12.

([24]) هيكل، الإصلاح الديني، ص105-106.

([25])M. Niebuhr، Travels Through Arabia and Other Countries in The East، R. Morison and son، Booksellers، London، 1792،2، p.85.

([26]) يُروى أن العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري (ت1079هـ/1668م) هو أول من أطلق على أبناء الأئمة لقب (سيف الإسلام)، الأكوع، هجر العلم، ج2، ص1082-1083.

([27]) هيكل، الإصلاح الديني، ص89-90.

([28]) علي محمد زيد، تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري، المركز الفرنسي للدراسات اليمنية، صنعاء، 1997م، ص146.

([29]) عبدالله بن حمزة بن سليمان، الشافي، تحقيق وتعليق مجد الدين بن محمد المؤيدي، ط1، مكتبة أهل البيت، صعدة، 1429هـ/2008م، ج2، ص160.

([30]) الحسين بن القاسم، آداب العلماء والمتعلمين، الدار اليمانية للنشر والتوزيع، صنعاء، 1987م، ص37، ص99-100.

([31]) عبدالعزيز قائد المسعودي، إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2008م، ص204.

([32]) المسعودي، إشكالية الفكر الزيدي، ص377.

([33]) حَاشِد: إحدى كبار قبائل همدان في اليمن ويعود نسبها إلى كهلان بن سبأ، وتمتد ديارها من صنعاء إلى صعدة شمالًا، وتشمل جبال لاعة، والأهنوم، وظليمة، وعذر، وخارف، والعَمَشِية، وعمران، وتنقسم قبيلة حاشد إلى أربعة فروع، هي: صُرَيْمي، وخَارِفي، وعُصَيْمي، وعِذَري، وكانت -وما زالت- تلك القبيلة بزعامة آل الأحمر تشكل ثقلًا سياسيًا في اليمن، للمزيد انظر: إبراهيم المقحفي، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ط5، الجيل الجديد، صنعاء، 1432هـ/2011م، ج1، ص49، ص398-401.

([34]) بكيل: إحدى كبار قبائل همدان في اليمن، وتمتد ديارها من شمال صنعاء الشرقي إلى صعدة، وتشمل أرحب، وبرط، والجوف، ونهم، وعيال سريح، وعيال يزيد، وريده، ومرهبة، وسفيان أرحب، وبلاد وائلة، والعمالسة. وتنقسم قبيلة بكيل إلى أربعة فروع: أرْحَب، ونِهْم، ومَرْهبة، وشاكر. والأخيرة يتفرع منها فرعان قويان كان لهما دور في الأحداث التي شهدتها الدولة القاسمية، وهما: قبيلتا ذوي حسين، وذوي محمد، للمزيد انظر: المقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج1، ص203، ص336، ج2، ص1024.

([35]) خولان: من قبائل اليمن الكبيرة، وتتوزع ديارها حسب فروعها الثلاثة: خولان الطِيَال، وخولان بن عمرو، وقُضَاعة، وخولان الطِيَال يُقال لها (خولان العالية) نسبةً إلى جبالها المرتفعة، وتقع منازلها من شرقي صنعاء إلى قرب مأرب، أما خولان بن عمرو، فتسكن مساحة واسعة من بلاد صعدة، في حين تقع منازل قُضَاعة في وادي عَمْد وبلاد المهرة بحضرموت، وقد هاجر عدد من قبائل قُضَاعة إلى خارج اليمن، وبصورة خاصة إلى الحجاز والعراق وبلاد الشام، للمزيد انظر: أحمد بن محمد الحجري، مجموع بلدان اليمن وقبائلها، ط3، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1425هـ/2004م، ج2، ص313-322، وانظر: المقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج1، ص504، ص594-595، ج2، ص1483-1484.

([36]) مذحج: حلف قبلي واسع يضم عددًا من القبائل داخل اليمن وخارجه، أشهرها: مراد، وعنس، والحدا، وبنو الريان، وبنو عبيدة، والنَّخَع، وبنو مُسْلِيَة، وزُبيْد، وجُعْفِي وغيرها، وديارها نواحي ذمار، ودثنية من أبين، والزاهر من بلاد البيضاء والتي كانت تعرف باسم (سَرْو مَذْحج)، للمزيد انظر: المقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج1، ص1060، ج2، ص1327، ج3، ص1830.

([37]) السالمي، محاولة توحيد اليمن، ص163،

 Paul Dresch، Tribes، Government، and History in Yemen، Oxford University Press، New York، 1989، p. 162.

([38]) أمة الغفور عبدالرحمن الأمير، الأوضاع السياسية في اليمن في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي، مع تحقيق مخطوط: بهجة الزمن في تاريخ اليمن، للمؤرخ يحيى بن الحسين بن القاسم محمد، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1429ه/2008م، ج1، ص209-210، أمة الملك إسماعيل قاسم الثور، بناء الدولة القاسمية في اليمن في عهد المؤيد محمد بن القاسم 990-1054هـ/1582-1644م، مع تحقيق مخطوط: الجوهرة المنيرة في جمل من عيون السيرة، للمؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1429هـ/2008م، ج1، ص217-218.

([39]) الثور، بناء الدولة القاسمية في اليمن، ج1، ص219-220.

([40]) العمري، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، ص119.

([41]) أبو طالب، طيب أهل الكساء، ج2، ص439-444، ص446-453.

([42]) أبو طالب، طيب أهل الكساء، ج2، ص444-446.

([43]) هيكل، الإصلاح الديني، ص21.

([44]) أرحب: قبيلة سُميت باسم أرحب بن الدعام بن مالك بن معاوية بن صعب بن دومان بن بكيل، تقع أرضها شمال صنعاء فيما بين جبال نهم شرقًا وجبال عيال يزيد غربًا، وهي قسمان زُهيري وذبياني. أما أهم قبائل بني زهير، فهي زندان، وعيال بني علي، وشاكر، وبيت مران. ومن بين قبائل ذبيان: عيال سحيم، وبني مُرَّة، وبني حكيم، والزبيرات، وحَبَّار، وبني سليمان، وحسان، للمزيد انظر: المقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج1، ص61.

([45]) أبو طالب، طيب أهل الكساء، ج2، ص431-433، محمد الكبسي، اللطائف السنية في الممالك اليمنية، تحقيق وضبط خالد أبا زيد الأذرعي، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1426هـ/2005م، ص397-398.

([46]) أبوطالب، طيب أهل الكساء، ج2، ص453، محمد بن محمد زبارة، نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف، نبلاء اليمن بالقرن الثاني عشر للهجرة، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1433هـ/2012م، ج2، ص317-322، العمري، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، ص119.

([47]) أحمد بن محمد قاطن، إتحاف الأحباب بدمية القصر الناعتة لمحاسن بعض أهل العصر، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1429هـ/2008م، ج2، ص252-253.

([48]) قائد نعمان الشرجبي، الشرائح الاجتماعية التقليدية في المجتمع اليمني، دار الحداثة، بيروت، 1986م، ص71-74.

([49])Dresch، Tribes، p.164.

([50]) أشواق أحمد غليس، التجديد في فكرة الإمامة عند الزيدية في اليمن، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1417هـ/1997م، ص139، السالمي، محاولة توحيد اليمن، ص163.

([51]) ابن الحسين، بهجة الزمن، ج3، ص1140.

([52]) محمد بن علي بن محمد الشوكاني، ولد في هجرة شوكان من بلاد خولان عام 1173هـ/1760م، ونشأ في صنعاء وبها تلقى علومه، حيث نبغ في عدد من العلوم ومنها: الفقه، والحديث، والنحو، ونظم الشعر وله العديد من القصائد، وترك تقليد من سبقه من الأئمة والعلماء الزيود؛ لذلك يعد من أشهر علماء الزيدية ومجتهديها في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، وألف العديد من الكتب في مختلف العلوم الدينية، تصدر للتدريس والإفتاء، تولى رئاسة القضاء في الدولة القاسمية عام 1209هـ، وبقي في هذا المنصب لمدة إحدى وأربعين عامًا، وكانت له آراء إصلاحية، وتوفي في صنعاء عام 1250هـ/1834م، للمزيد انظر: محمد بن الحسين الشجني، التقصار في جيد زمان علامة الأقاليم والأمصار شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، تحقيق محمد بن علي الأكوع، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1994، ص19-25، القنوجي، صديق حسن خان القنوجي، أبجد العلوم، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت، ج3، ص201-205، ومحمد بن محمد زبارة، نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر من هجرة سيد البشرr، ط1، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ/1998م، ج2، ص344-350.

([53]) الشوكاني، البدر الطالع، ص652.

([54]) محمد بن علي الشوكاني، الدواء العاجل في دفع العدو الصائل، مجموعة الرسائل المنيرية، المطبعة العربية، القاهرة، 1343هـ، ج2، ص14.

([55]) لطف الله بن أحمد جحاف، درر نحور الحور العين بسيرة المنصور علي وأعلام دولته الميامين، تحقيق إبراهيم بن أحمد المقحفي، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1425هـ/2004م، ص120، أحمد بن عبدالله الجنداري، الجامع الوجيز في وفيات العلماء أولي التبريز، مخطوط، نسخة مصورة، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، رقم التصنيف: 109/2524تاريخ وتراجم، ص178.

([56]) غليس، التجديد في فكرة الإمامة، ص140.

([57]) الشرجبي، الشرائح الاجتماعية، ص60-61، Weir، Tribal Order،p.231

([58]) صادق محمد الصفواني، الأوضاع السياسية الداخلية لليمن في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 1425هـ/2004م، ص91.

([59])Manfred W. Wenner، The Yemen Arab Republic Development and Change in Land، Westview Press Inc، Colorado،1991، p.123.

([60]) العمري، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، ص93.

([61]) النقيب: لقب أطلق على زعماء القبائل أو الأمراء المماليك الذين كانوا يكلفون بقيادة الجيوش في الدولة القاسمية ثم احتفظوا بهذا اللقب وأصبحوا يعرفون به، هيكل، الإصلاح الديني، ص102.

([62]) حسين بن عبدالله العمري، الأمراء العبيد والمماليك في اليمن، دار الفكر، دمشق، 1409هـ/1989م، ص55-56.

([63]) أبو طالب، طيب أهل الكساء، ج2، ص255.

([64]) زبارة، نشر العرف، ج3، ص1325-1326.

([65]) زبارة، نشر العرف، ج2، ص813-819

([66]) زبارة، نشر العرف، ج2، ص1246، ج3، ص1918.

([67]) جحاف، درر نحور الحور العين، ص120، الجنداري، الجامع الوجيز، ص178، العمري، الأمراء العبيد، ص62-63.

([68]) العمري، الأمراء العبيد، ص64-65.

([69]) العمري، الأمراء العبيد، ص58.

([70]) حسين بن عبدالله العمري، مئة عام من تاريخ اليمن الحديث 1161-1264هـ/1748-1848م، ط2، دار الفكر، دمشق، 1408هـ/1988م، ص166-167.

([71]) العمري، تاريخ اليمن الحديث، ص167.

([72]) جحاف، درر نحور الحور العين، ص380، الشوكاني، البدر الطالع، ص864.

([73]) رزق بن سعدالله بن محمد الصنعاني، كان أحد مماليك السيد محمد بن علي بن الحسين ابن الإمام المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم، درس اللغة العربية على عدد من العلماء، كان الشوكاني يقول عنه: جندي تحلَّى بما ليس لهُ أهل، توفي في عام 1192هـ/1778م، للمزيد انظر: جحاف، درر نحور الحور العين، ص103-107.

([74]) التيار الزيدي المتشدد: تيار فكري سياسي ظهر في الدولة القاسمية حافظ على ولائهم لمبادئ المذهب الزيدي الهادوي، خاصةً في قضايا الإمامة وشروطها، وقد نزع بعض علماء هذا التيار نحو الزيدية الجارودية، ومن رموز هذا التيار العلامة السيد عبدالله بن علي الوزير(ت1147هــ)، والفقيه الشيخ محمد بن صالح السماوي(ت1241هـ)، للمزيد انظر: المسعودي، إشكالية الفكر الزيدي، ص330-332، ص360-361، ص400، وبندر بن مطلق العصيمي، الصلات العلمية والفكرية بين الدولة السعودية الأولى والدولة القاسمية في اليمن (1157-1233هـ/1744-1818م)، ط1، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، 2019، ص41-43، ص110-113.

([75]) جحاف، درر نحور الحور العين، ص103-107.

([76]) التيار الزيدي المعتدل: تيار فكري سياسي ظهر في الدولة القاسمية تأثر بآراء أهل الحديث الإصلاحية في الحرمين الشريفين، ودعوتهم إلى العودة إلى ما كان عليه سلف الأمة عن طريق دراسة الحديث النبوي، ودعا إلى تجاوز شروط الإمامة إلى قضايا وجوبها، وواجبات الحاكم وحقوقه وحقوق الرعية وواجباتهم، وقد نادى علماء هذا التيار كذلك إلى الانفتاح على أهل السنة، ومن رموز هذا التيار العلامة السيد محمد بن الأمير الصنعاني (ت1182هـ)، والعلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني (ت1250هـ)، للمزيد انظر: المسعودي، إشكالية الفكر الزيدي، ص292-293، ص400، والعصيمي، الصلات العلمية والفكرية، ص41-43، ص113-115.

([77]) الهنود البانيان: هم جماعة من الهندوس قدموا من ولاية كوتشن الهندية، قاموا بدور الوكلاء التجاريين للشركات الأوروبية، وخاصة الإنجليزية، وكانوا يمارسون التجارة في مناطق الخليج العربي وبعض مناطق جنوب الجزيرة العربية، وكانوا أيضًا يقرضون صيادي اللؤلؤ، للمزيد انظر: نورة بنت محمد القاسمي، الوجود الهندي في الخليج العربي 1820-1947م، ط2، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2000م، ص36.

([78]) Martha Mundy، Domestic government: kinship، community and polity in North Yemen، I.B. Tauris and Co Ltd، London،1995، p.13، Paul Dresch، Tribes، Government، and History in Yemen، Oxford University Press، New York، 1989، p.3.

([79]) عبدالعزيز المقالح، قراءة في فكر الزيدية والمعتزلة، دارة العود، بيروت، 1982م، ص9.

([80]) الكِبْس: قرية كبيرة تقع في جنوب شرق صنعاء، في منطقة اليمانية السُفلى ببلاد خولان العالية، سُميت بهذا الاسم نسبة إلى بني كِبْس أقيال قبيلتي (تُنْعِم وتَنْعمة)، للمزيد انظر: الحجري، بلدان اليمن وقبائلها، ج4، ص661-662، والأكوع، هجر العلم، ج4، ص1785-1791، والمقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج3، ص1682-1684.

([81]) شَوْكان: قرية في بني سِحام من خولان العالية في شرق صنعاء، تُنسَب إليها أسرة العلامة الشيخ محمد بن علي الشوكاني، وقد أسهم علماؤها في حث قبائل بلاد خولان على قتال العثمانيين إبان وجودهم الأول، للمزيد انظر: الحجري، بلدان اليمن وقبائلها، ج3، ص458، والأكوع، هجر العلم، ج4، ص2249-2289، والمقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج2، ص1074.

([82]) سُودَة شَظَب: بلدة قرب السُّودة جهة عمران شمال غرب صنعاء، وسُميت بهذا الاسم نسبةً إلى أحد الجبال التي تقع فوقه، وقد كانت من مدارس العلم في اليمن، وفيها قبور طائفة من العلماء، للمزيد انظر: الحجري، بلدان اليمن وقبائلها، ج3، ص452، والأكوع، هجر العلم، ج2، ص985-1001، والمقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج2، ص1054.

([83]) وادِعة: تقع في سُرَّة وادِعة بخمر شمال صنعاء، وسُميت بهذا الاسم نسبةَ لقبيلة وادِعة إحدى بطون حاشد، ويُنسب لهجرة وادِعة أسرة آل الوَادِعِي المنحدرين من سلالة الإمام المؤيد محمد بن الإمام القاسم، للمزيد انظر: الأكوع، هجر العلم، ج4، ص2313-2315، والمقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج3، ص2211-2212.

([84]) بيت الفَقِيه: مدينة مشهورة تقع جنوب شرق الحديدة، عُرِفت باسم الفقيه أحمد بن موسى بن علي بن عمر بن عُجَيْل المتوفى بها عام 690هـ/1291م، وقد اشتهرت المدينة بوجود عدد من العلماء الذين قصدهم طلاب العلم من كافة نواحي اليمن، للمزيد انظر: الأكوع، هجر العلم، ج1، ص221-236، والمقحفي، البلدان والقبائل اليمنية، ج2، ص1422-1424، وعبدالله بن خادم العمري، النهضة الأدبية في اليمن بين عهدي الحكم العثماني 1045-1333هـ، وبيوتات العلم في مثلث التواصل صنعاء، تهامة، المخلاف السليماني، وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء 1425هـ/2004م، ج1، ص383-456.

([85]) الأكوع، هجر العلم، ج1، ص9.

([86]) الشهاري، حكام الإمام المهدي، ص27.

([87]) عامر بن محمد بن عبدالله بن عامر، بغية المريد وأنيس الفريد، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1433هـ/2012م، ص574-575.

([88]) للمزيد انظر: عبدالرحمن بن سليمان الأهدل، النفس اليماني، تحقيق ونشر مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، صنعاء، 1979م، ص100-111.

([89]) حسين عبدالله العمري، ومحمد أحمد الجرافي، الحسن بن أحمد الجلال حياته وآثاره، دار الفكر، دمشق، 1421هـ/2000م، ص30.

([90]) هيكل، الإصلاح الديني، ص91.

([91]) زبارة، نيل الوطر، ج2، ص155.

([92]) عبدالله بن لطف الباري بن عبدالله الكبسي الصنعاني، ولد في صنعاء عام 1110هـ/1697م، ودرس على يد علماء زمانه في الحديث والفقه والتفسير والنحو والمنطق، ومن أشهر هؤلاء العلماء، العلامة إبراهيم العلفي، والسيد محمد بن إسحاق، والعلامة محمد الكبسي، والعلامة عبدالخالق الزين المزجاجي، والفقيه علي بن محمد العنسي، وتخرج على يده عدد من العلماء الأعلام، أبرزهم الشيخ عبدالله الغراسي، والشيخ يحيى السحولي، وغيرهم، وتوفي في صنعاء عام 1173هـ/1760م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج2، ص210-213.

([93]) الشوكاني، البدر الطالع، ص399.

([94]) علي بن أحمد بن ناصر الشجني الذماري، ولد في ذمار عام 1123هـ/1710م، وأخذ عن علمائها، مثل: القاضي شمس الدين بن محمد المجاهد والفقيه الحسن بن أحمد الشبيبي، والسيد العلامة عبدالقادر بن أحمد الكوكباني في أثناء زيارته لذمار، وتصدر للتدريس في كتاب “شرح الأزهار” و “البحر الزخار” و “البيان”، وأخذ عنه جمع غفير من طلبه العلم، وكانت وفاته في عام 1201هـ/1787م، الطالبي، مطلع الأقمار، ص252-257، زبارة، نيل الوطر، ج2، ص154-155.

([95]) الحسن بن زيد بن حسين الشامي، من علماء اليمن خلال القرن الثاني عشر الهجري، برع في عدد من العلوم، خاصةً في الحديث حتى سمي بإمام السنة، ودرس على يده خلق كثير. توفي في صنعاء عام 1175هـ/1762م، الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص642-643.

([96]) الشوكاني، البدر الطالع، ص212-213.

([97]) زبارة، نيل الوطر، ج1، ص96.

([98]) محمد بن صالح بن محمد أبو الرجال، ولد في صنعاء عام 1146هـ/1733م، ونشأ فيها، وشارك في علوم الأدب واللغة، وفن الأخبار، وحفظ السير وتاريخ الأئمة والملوك والعلماء والأدباء والأعيان، واتصل بالسلطة السياسية في صنعاء أيام الإمام المنصور علي بن عباس، الذي كان كثيرًا ما يطلبه في المواقف والضيافات، وعمل في الديوان القاسمي مرافقًا للسيد القاسم بن عباس، وتوفي في صنعاء عام 1224هـ/1809م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج3، ص280-296.

([99]) الشوكاني، البدر الطالع، ص693.

([100]) محمد بن الحسن المحتسب الصنعاني، ولد في صنعاء حوالي عام 1170هـ/1757م، وأخذ العلم عن جماعة من علماء صنعاء، منهم العلامة السيد محمد بن محمد البنوس في علوم اللغة العربية، والعلامة الشيخ علي بن محمد الشوكاني في الصحيحين، وشارك في علم السنة مشاركة قوية، وعمل بالأدلة، ولم يقلد أحدًا، واتصل بالإمام المتوكل أحمد بن علي، وبالإمام المهدي عبدالله بن أحمد، وتوفي في قرية القابل عام 1257هـ/1841م، الشوكاني، البدر الطالع، ص677.

([101]) زبارة، نيل الوطر، ج2، ص297.

([102])الحسن بن أحمد عاكش، عقود الدرر بتراجم علماء القرن الثالث عشر، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، 2008م، ج2، ص679-682.

([103]) محمد بن صالح العصامي الصنعاني، ولد في عام 1188هـ/1774م، وأخذ عن جماعة من العلماء ومنهم الشيخ محمد بن علي الشوكاني في الحديث والأصول، وبرع في علوم اللغة العربية وعلم الكلام، وحفظ التواريخ وأيام الخلفاء والسلاطين، وأصبح من علماء صنعاء الذين يشار إليهم، اتصل بالإمام المهدي عبدالله بن أحمد، وتوفي في عام 1263هـ/1847م، البدر الطالع، ص695-696، زيارة، نيل الوطر، ج2، ص313-314.

([104]) محمد بن مهدي الضمدي الصنعاني، ولد في قرية الشقيري من تهامة عام 1193هـ/1779م، ودرس في تهامة على يد القاضي أحمد بن عبدالله الضمدي، ثم رحل إلى صنعاء لطلب العلم، وأخذ عن السيد العلامة إبراهيم بن عبدالقادر، والسيد العلامة عبدالله بن محمد الأمير، والشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني، وغيرهم من علماء صنعاء، ودرس النحو والصرف والمنطق والتفسير والفقه والحديث، واتصل بالإمام المهدي عبدالله بن أحمد وبرجال دولته، وتوفي في صنعاء عام 1269هـ/1853م، للمزيد انظر: زبارة، نيل الوطر، ج2، ص367-372.

([105]) محمد بن علي الشوكاني، رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين، دار ابن حزم، بيروت، 1413هـ/1992م، ص74-75، أشواق أحمد غليس، فكر الشوكاني السياسي وأثره المعاصر في اليمن، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1428هـ/2007م، ص151.

([106]) الشهاري، حكم الإمام المهدي، ص261.

([107]) محمد بن إسحاق بن الإمام المهدي أحمد بن الحسن بن الإمام المنصور القاسم، ولد في الغراس عام 1090هـ/1680م، وبها ترعرع، رحل مع والده إلى كوكبان عندما عين واليًا لإحدى مناطقها في عهد الإمام المهدي صاحب المواهب، ثم انتقل إلى بلاد وُصَاب بعد تعيين والده واليًا عليها، وقد تلقى تعليمه على عدد من علماء عصره، ومنهم والده والعلامة السيد هاشم بن يحيى الشامي، والقاضي إبراهيم بن أبي الرجال، والقاضي محمد الحيمي، وصار إمامًا في علم الفقه والكلام، واشتهر بالشعر، وقد اعتنى بجمع الكتب في جميع العلوم والفنون وانكب على مطالعتها، خلف والده في الولاية على بلاد وُصَاب، وقد دعا إلى مبايعته بالإمامة أكثر من مرة، وتعرض للسجن والاعتقال ثم أطلق سراحه، توفي في صنعاء عام 1167هـ/1754م، للمزيد انظر: إبراهيم بن عبدالله الحوثي، نفحات العنبر في تراجم أعيان وفضلاء اليمن في القرن الثاني عشر، تحقيق عبدالله بن عبدالله الحسيني، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1429هـ/2008م، ج3، ص87-124، والشوكاني، البدر الطالع، ص643-646.

([108]) الكبسي، اللطائف السنية، ص399، ص251، العمري، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، ص120.

([109]) الكبسي، اللطائف السنية، ص405-406، العمري، مئة عام من تاريخ اليمن، ص220.

([110]) الحسن بن علي بن الحسن حنش، ولد في شهارة عام 1153هـ/1740م، ورحل إلى صنعاء لطلب العلم، فدرس الحديث والفقه والقراءات السبع، ومن أشهر شيوخه السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، والقاضي العلامة أحمد بن محمد قاطن، والسيد العلامة عبدالقادر بن أحمد الكوكباني، وغيرهم، توفي في صنعاء عام 1225هـ/1810م، للمزيد انظر: الشوكاني، البدر الطالع، ص215-218.

([111]) محمد بن هاشم بن يحيى الشامي، ولد في عام 1140هـ/1727م، نشأ بصنعاء فأخذ عن جماعة من أهلها ومنهم والده، كان إمام البلاغة وحامل لواء الفصاحة، ولهُ ميول نحو التصوف؛ لأنه ممن أخذ عن العلامة جمال الدين علي بن عمر القناوي المصري عند وفادته لصنعاء، كان مقربًا من الوزير والفقيه أحمد بن علي النهمي، ولهُ اتصال بالإمام المهدي العباس بن الحسين، توفي في صنعاء عام1207هـ/1792م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج3، ص179-180، والشوكاني، البدر الطالع، ص790-791، نيل الوطر، ج2، ص374.

([112]) هادي بن حسين القارني الصنعاني، ولد في صنعاء عام 1164هـ/1751م، ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم بالقراءات السبع على بعض مشايخها، وأخذ علم الفقه والتفسير والحديث والنحو والصرف والمعاني والبيان عن عدد من كبار علماء صنعاء، منهم الشيخ العلامة أحمد بن محمد الحرازي، والشيخ العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، والشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني، توفي في صنعاء عام 1238هـ/1823م، للمزيد انظر: الشوكاني، البدر الطالع، ص837-838، زبارة، نيل الوطر، ج2، ص425.

([113]) إبراهيم بن محمد بن إسحاق المهدي، ولد في كوكبان عام 1141هـ/1728، نشأ في صنعاء، وأخذ العلم عن والده، وعن الشيخ العلامة علي بن إبراهيم بن عامر وغيرهما، ثم قرأ على مشايخ الحديث في زمانه أمثال الشيخين العالمين محمد بن علاء المزجاجي، وعبدالخالق بن أبي بكر المزجاجي؛ لذا كان يميل إلى العمل بما صح من الأحاديث النبوية، توفي في عام 1241هـ/1826م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص150-153، وزبارة، نيل الوطر، ج1، ص89.

([114]) إبراهيم بن محمد الأمير الصنعاني، ولد في صنعاء في عام 1141هـ/1728م، درس علوم اللغة العربية والحديث والتفسير على والده، ثم درس على يد العلامة يوسف بن الحسين زبارة ونال إجازة عامة منه، له عدة مؤلفات، من أشهرها: كتاب “فتح الرحمن في تفسير القرآن بالقرآن”، وكتاب “فتح المتعال الفارق بين أهل الهدى والضلال”، هاجر إلى مكة المكرمة وبها توفي في عام 1213هـ/1798م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص154-162، والشوكاني، البدر الطالع، ص426.

([115]) أحمد بن محمد بن أحمد بن مطهر الحرازي، ولد في ذمار عام 1158هـ/1745م، وقرأ الفقه على العلامة عبدالقادر بن حسين الشويطر، والسيد العلامة الحسين بن يحيى الديلمي، ثم انتقل إلى صنعاء، واتصل بعدد من العلماء والشيوخ مثل العالم أحمد بن محمد قاطن، والعالم إسماعيل بن يحيى الصديق، توفي في عام 1227هـ/1812م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص267-268، والحسن بن الحسين الطالبي، مطلع الأقمار ومجمع الأنهار في ذكر المشاهير من علماء مدينة ذمار ومن قرأ فيها وحقق من أهل الأمصار، تحقيق عبدالله بن عبدالله الحسيني، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1423هـ/2002م، ص352-353، والشوكاني، البدر الطالع، ص111-112.

([116]) زبارة، نيل الوطر، ج1، ص316.

([117]) للمزيد انظر: الشوكاني، البدر الطالع، ص172-173.

([118]) أحمد بن صلاح بن يحيى الخطيب، ولد في شبام في عام 1137هـ/1724م، وقرأ على والده، ثم رحل إلى صنعاء، ودرس على السيد أحمد بن إسحاق المهدي، ولازمه حتى تخرج على يده، واعتنى بالتفسير والحديث دراية ورواية، وعمل بما أدى إليه اجتهاده، وبعدها اعتزل الناس ومال إلى التصوف، وأصيب بالعمى في آخر حياته، وكانت وفاته في صنعاء عام 1196هـ/1782م، للمزيد انظر: الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص355-256.

([119]) زبارة، نيل الوطر، ج2، ص374.

([120]) زبارة، نيل الوطر، ج2، ص374.

([121]) إبراهيم بن أحمد اليعمري الروضي، ولد في الروضة بالقرب من صنعاء عام 1164هـ/1751م، ودرس الفقه والفرائض والحديث على عدد من علماء زمانه، ومنهم السيد العلامة الحسين بن عبدالله الكبسي، والسيد العلامة محمد بن عبدالله لطف الباري الكبسي، والسيد العلامة علي بن إبراهيم بن محمد الأمير، الذي لازمه دهرًا طويلًا، واشتهر بين الناس بالورع والزهد وحسن السمت وكثرة الانقطاع للعبادة والذكر، وقصده الناس من أنحاء اليمن، وكانت وفاته في صنعاء عام 1223هـ/1808م، للمزيد انظر: زبارة، نيل الوطر، ج1، ص49-54.

([122]) زبارة، نيل الوطر، ج1، ص50.

([123]) زبارة، نيل الوطر، ج1، ص50-51.

([124]) الحسن بن إسماعيل بن الحسين الصنعاني، ولد في صنعاء عام 1141هـ/1728م تقريبًا، ودرس فيها على أيدي عدد من العلماء الفقه والحديث والتفسير والنحو والصرف والمنطق، ومن أشهر شيوخه القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال، والسيد الحسين إسماعيل الشامي، وقد نبغ في علوم الفقه والتفسير واللغة العربية، وتتلمذ على يده عدد من مشاهير العلماء، منهم الشيخ العلامة محمد بن علي الشوكاني، والقاضي الحسين بن أحمد السياغي، وتوفي في صنعاء عام 1208هـ/1794م، للمزيد انظر: زبارة، نيل الوطر، ج1، ص457-459.

([125]) زبارة، نيل الوطر، ج1، ص459.

([126]) عبدالقادر بن حسين الشويطر الذماري، ولد في ذمار عام 1148هـ/1735م وأخذ عن الفقيه الشهير الحسن بن أحمد الشبيبي، وعن الفقيه سعيد بن عبدالرحمن السماوي، والفقيه عبدالله بن حسين دلامة، وغيرهم من العلماء، وأصبح من مشاهير علماء بلده، محققًا في الفروع والأصول، ولهُ معرفة بعلم النجوم، عرف عنه الزهد والعبادة، وتوفي عام 1197هـ/1783، للمزيد انظر: زبارة، نشر العرف، ج2، ص972-973.

([127]) زبارة، نشر العرف، ج2، ص972.

([128]) الحوثي، نفحات العنبر، ج1، ص642-643.

([129]) أحمد بن عامر الحدائي الصنعاني، أخذ علم الفقه والفرائض عن جماعة من علماء صنعاء، ثم تصدر للتدريس والإفتاء في جامع صنعاء الكبير، درس على يده عدد من علماء صنعاء، من أشهرهم الشيخ محمد بن علي الشوكاني. توفي في صنعاء عام 1197هـ/1783م، الشوكاني، البدر الطالع، ص81.

([130]) الشوكاني، البدر الطالع، ص81.

([131]) سعيد بن إسماعيل بن علي الرشيدي، ولد في عام 1163هـ/1750م، درس الفقه في ذمار على يد عدد من العلماء حتى صار من أكابر العلماء في الفروع، رحل إلى صنعاء، وعمل قاضيًا في عهد الإمام المهدي العباس بن الحسين، وكان يلقب بمفتي الزيدية في صنعاء، توفي في عام 1220هـ/1805م، زبارة، نيل الوطر، ج2، ص12-14.

([132]) زبارة، نيل الوطر، ج2، ص12-13.

([133]) لطف الباري بن أحمد بن عبدالقادر الثلائي، نشأ في ثلا وأخذ عن جماعة من علمائها، ثم ارتحل إلى صنعاء ودرس على السيد العلامة القاسم بن محمد الكبسي، والشيخ العلامة أحمد بن محمد قاطن، برع في جميع العلوم ولاسيما الحديث والتفسير، عين خطيبًا لجامع صنعاء الكبير في عهد الإمام المهدي العباس بن الحسين، واستمر على الخطابة في عهد الإمام المنصور علي بن العباس، توفي في صنعاء عام 1211هـ/1797م، الشوكاني، البدر الطالع، ص578-579.

([134]) الشوكاني، البدر الطالع، ص578-579.

([135]) جحاف، درر نحور الحور العين، ص440، زبارة، نيل الوطر، ج1، ص96-97.


المصادر والمراجع:

1- المصادر:

– الأمير، أمة الغفور عبدالرحمن، الأوضاع السياسية في اليمن في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي، مع تحقيق مخطوط: بهجة الزمن في تاريخ اليمن، للمؤرخ يحيى بن الحسين بن القاسم محمد، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1429ه/2008م.

– الثور، أمة الملك إسماعيل قاسم، بناء الدولة القاسمية في اليمن في عهد المؤيد محمد بن القاسم 990-1054هـ/1582-1644م، مع تحقيق مخطوط: الجوهرة المنيرة في جمل من عيون السيرة، للمؤرخ المطهر بن محمد الجرموزي، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1429هـ/2008م.

جحاف، لطف الله بن أحمد، درر نحور الحور العين بسيرة المنصور علي وأعلام دولته الميامين، تحقيق إبراهيم بن أحمد المقحفي، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1425هـ/2004م.

– الجنداري، أحمد بن عبدالله، الجامع الوجيز في وفيات العلماء أولي التبريز. مخطوط، نسخة مصورة، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، رقم التصنيف: 109/2524تاريخ وتراجم.

– الجعدي، عمر بن علي بن سمرة، طبقات فقهاء اليمن، تحقيق أيمن فؤاد سيد، دار القلم، بيروت، د.ت.

– الحسني، يحيى بن الحسين الهاروني، الإفادة في تاريخ الأئمة السادة، ط4، مكتبة أهل البيت، صعدة، 1435هـ/2014م.

– ابن الحسين، يحيى، غاية الأماني في أخبار القطر اليماني، ج2، تحقيق سعيد عبدالفتاح عاشور، دار الكتاب، القاهرة، 1968م.

– الحوثي، إبراهيم بن عبدالله، نفحات العنبر في تراجم أعيان وفضلاء اليمن في القرن الثاني عشر، تحقيق عبدالله بن عبدالله الحسيني، ثلاثة أجزاء، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1429هـ/2008م.

– الشوكاني، محمد بن علي، البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، ط2، تحقيق حسين بن عبدالله العمري. دار الفكر المعاصر، دمشق، 1431هـ/2010م.

-الشوكاني، محمد بن علي، رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين، دار ابن حزم، بيروت، 1413هـ/1992م.

– الشوكاني، محمد بن علي، الدواء العاجل في دفع العدو الصائل، مجموعة الرسائل المنيرية، المطبعة العربية، القاهرة، 1343هـ، ج2.

– الطالبي، الحسن بن الحسين، مطلع الأقمار ومجمع الأنهار في ذكر المشاهير من علماء مدينة ذمار ومن قرأ فيها وحقق من أهل الأمصار، تحقيق عبدالله بن عبدالله الحسيني مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، صنعاء، 1423هـ/2002م.

– أبوطالب، محسن بن حسن، طيب أهل الكساء، حققه عبدالله بن محمد الحبشي، ضمن مجموعة من المخطوطات التي تتعلق بتاريخ الدولة القاسمية تحت عنوان: تاريخ اليمن، عصر الاستقلال عن الحكم العثماني الأول من سنة 1052-1160هـ، مطابع المفضل للأوفست، تعز، 1411هـ/1990م.

– عاكش، الحسن بن أحمد، عقود الدرر بتراجم علماء القرن الثالث عشر، إثراء للنشر والتوزيع، عمان، 2008م.

– ابن عامر، عامر بن محمد بن عبدالله، بغية المريد وأنيس الفريد. صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 1433هـ/2012م.

– قاطن، أحمد بن محمد، إتحاف الأحباب بدمية القصر الناعتة لمحاسن بعض أهل العصر، جزءان، مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1429هـ/2008م.

– الكبسي، محمد، اللطائف السنية في الممالك اليمنية، تحقيق وضبط خالد أبا زيد الأذرعي، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1426هـ/2005م.

– ابن محمد، الإمام القاسم، الأساس لعقائد الأكياس، تحقيق ألبير نصري نادر، دار الطليعة، بيروت، 1980م.

– الوزير، عبدالله بن علي، طبق الحلوى وصحاف المن والسلوى، تحقيق محمد عبدالرحيم جازم، صنعاء، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 2007م.

2- المراجع:

– الأحمري، عبدالرحمن بن عبدالله، الاستيلاء العثماني الأولى على صنعاء والسيطرة على اليمن (953-954هـ/1547م)، الجمعية التاريخية السعودية، الرياض، 1439هـ/2017م.

– الأكوع، إسماعيل بن علي، الزيدية نشأتها ومعتقداتها، دار الفكر، بيروت، 1993م،

– الأكوع، إسماعيل بن علي، هجر العلم ومعاقله في اليمن، دار الفكر، دمشق، 1416هـ/1995م.

-الأهدل، عبدالرحمن بن سليمان، النفس اليماني، مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، صنعاء، 1979م.

– الحجري، محمد بن أحمد، مجموع بلدان اليمن وقبائلها، ط3. مكتبة الإرشاد، صنعاء، 1425هـ/2004م.

– زبارة، محمد بن محمد، نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر من هجرة سيد البشر r، تحقيق وتعليق عادل أحمد عبدالجواد، وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419هـ/1998م.

– زبارة، محمد بن محمد، نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف (نبلاء اليمن بالقرن الثاني عشر للهجرة)، الجيل الجديد، صنعاء، 1433هـ/2012م.

– زيد، علي محمد، تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري، المركز الفرنسي للدراسات اليمنية، صنعاء، 1997م.

– سالم، سيد مصطفى، الفتح العثماني الأول لليمن، جامعة صنعاء، صنعاء، 2006م.

– السالمي، محمود علي محسن، محاولة توحيد اليمن بعد خروج العثمانيين الأول 1045-1097هـ/1635-1685م، الدولة القاسمية، المركز العربي للدراسات الإستراتيجية، دمشق، 2000م.

– ابن سليمان، عبدالله بن حمزة، الشافي، تحقيق وتعليق مجدالدين بن محمد المؤيدي، ط1، مكتبة أهل البيت، صعدة، 1429هـ/2008م.

– الشجني، محمد بن الحسين، التقصار في جيد زمان علامة الأقاليم والأمصار شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، تحقيق محمد بن علي الأكوع، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1994.

– الشرجبي، قائد نعمان، الشرائح الاجتماعية التقليدية في المجتمع اليمني، دار الحداثة، بيروت،1986م.

– الشهاري، محمد علي، اليمن في ظل حكام الإمام المهدي1097-1130هـ/1686-1718م، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، 1429هـ/2008م.

– صبحي، أحمد محمد، الزيدية، ط2، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، 1404هـ/1984م.

-الصفواني، صادق محمد، الأوضاع السياسية الداخلية لليمن في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي وزارة الثقافة والسياحة اليمنية، صنعاء، 1425هـ/2004م.

– عارف، أحمد عبدالله، الصلة بين الزيدية والمعتزلة، دار أزال للطباعة والنشر، بيروت، 1987م.

– العصيمي، بندر بن مطلق، الصلات العلمية والفكرية بين الدولة السعودية الأولى والدولة القاسمية في اليمن (1157-1233هـ/1744-1818م)، ط1، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، 2019

– عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، القاهرة،1429هـ/ 2008م.

– العمري، حسين بن عبدالله، مئة عام من تاريخ اليمن الحديث (1161-1264هـ/1748-1848م)، ط2، دار الفكر، دمشق، 1408هـ/1988م.

-العمري، حسين بن عبدالله، الأمراء العبيد والمماليك في اليمن، دار الفكر، دمشق 1409هـ/1989م.

– العمري، حسين عبدالله، تاريخ اليمن الحديث والمعاصر(922-1336هـ/1516-1918م)،دار الفكر، دمشق، 1418هـ/1997م.

– العمري، حسين عبدالله، والجرافي، محمد أحمد، الحسن بن أحمد الجلال حياته وآثاره، دار الفكر، دمشق، 1421هـ/2000م.

– العمري، عبدالله بن خادم، النهضة الأدبية في اليمن بين عهدي الحكم العثماني 1045- 1333هـ، وبيوتات العلم في مثلث التواصل صنعاء، تهامة، المخلاف السليماني، وزارة الثقافة والسياحة، صنعاء، 1425هـ/2004م.

– غليس، أشواق أحمد، التجديد في فكرة الإمامة عند الزيدية في اليمن، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1417هـ/1997م.

غليس، أشواق أحمد، فكر الشوكاني السياسي وأثره المعاصر في اليمن، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1428هـ/2007م.

– ابن القاسم، الحسين، آداب العلماء والمتعلمين، الدار اليمانية للنشر والتوزيع، صنعاء، 1987م.

– القاسمي، نورة محمد، الوجود الهندي في الخليج العربي 1820-1947، ط2، دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، 2000م.

– القنوجي، صديق حسن خان، أبجد العلوم، ج3، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.

– المسعودي، عبدالعزيز قائد، إشكالية الفكر الزيدي في اليمن المعاصر، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2008م.

– المقالح، عبدالعزيز، قراءة في فكر الزيدية و المعتزلة، دار العودة، بيروت، 1982م.

– المقحفي، إبراهيم، معجم البلدان والقبائل اليمنية، ط5، الجيل الجديد، صنعاء، 1432هـ/2011م.

-هيكل، برنارد، الإصلاح الديني في الإسلام تراث محمد الشوكاني، ترجمة علي محمد زيد، جداول للنشر والترجمة والتوزيع، بيروت، 2014م.

– باوزير، سعيد عوض، صفحات من تاريخ حضرموت، دار الوفاق، عدن، 2012م.

3- المراجع باللغة الإنجليزية:

– M. Niebuhr، Travels Through Arabia and Other Countries in The East. London: R. Morison and son، Booksellers،1792.

– Martha Mundy، Domestic government: kinship، community and polity in North Yemen، I.B. Tauris and Co Ltd، London،1995.

– Mohammed Ahmed Zabarah، Yemen Traditionalism Vs. Modernity، Praeger Publishers CBS Educational and Professional Publishing a Division of CBS Inc. New York.1982.

– Paul Dresch، Tribes، Government، and History in Yemen، Oxford University Press، New York، 1989.

– Shelagh Weir، Tribal Order Politics and Law in the Mountains of Yemen، The University of Texas Press، 2007.