مركز عدن للدراسات التاريخية

حضرموت في وثائق الأرشيف العثماني: دراسة تمهيدية

أ.د. سهيل صابان

أ.د. سهيل صابان

ملخص البحث:

أُعد هذا البحث؛ لتقديم المساعدة للباحثين في تاريخ حضرموت الحديث والمعاصر في الوصول إلى الوثائق المطلوبة من الأرشيف العثماني بإسطنبول، وقد أصبح ذلك في ظل التقنية الحديثة سهلًا وميسرًا إذا ما توفر لدى الباحث أدوات البحث المطلوبة، وعلى رأسها معرفة آلية تصنيف الوثائق وترتيبها، والحصول على رقم الوثيقة مع اسم التصنيف، وكيفية وضع الكلمات المفتاحية في قاعدة البحث بالموقع.

ومع وجود الوثائق الخاصة بتاريخ حضرموت في ذلك الأرشيف وتنوعها، إلا أنها قليلة بالمقارنة بتاريخ اليمن في العهد العثماني، لكنها وثائق مهمة، تناولت موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية، لا مندوحة للباحث من الاطلاع عليها، والاستفادة منها، ومقارنتها بالمصادر التاريخية الأخرى، فإما أنها تقدم معلومات جديدة عليها، أو أنها تكمل الأسئلة التاريخية التي تبحث عن إجابات عليها، أو أنها تقدم وجهة نظر الدولة العثمانية في موضوع الوثيقة على أقل تقدير ضمن الحدث التاريخي.

وقد تبين من الموضوعات التي تناولت تاريخ حضرموت في الأرشيف العثماني، العلاقة الوثيقة بينها وبين ولاية الحجاز في العهد الأخير من الحكم العثماني، كما ضمت الوثائق علاقة أهالي حضرموت بالبلدات المجاورة، والصراعات السياسية التي شهدتها المنطقة، فضلًا عن مراسلات عربية هامة جرت بين أعلام من حضرموت وبين مسؤولي الإدارة العثمانية في المنطقة، أو مع الباب العالي في إسطنبول، جديرة بإجراء دراسات عليها، والتصدي لكتابة جوانب عديدة من تاريخ حضرموت الحديث والمعاصر في ظل توفر وثائق حديثة عنه.

وبناء على ما سبق فإن البحث لم يقم بتحليل الأحداث التاريخية في حضرموت عبر الوثائق العثمانية، ولم يوجه الباحثين توجيهًا معينًا في المسار التاريخي، وإنما حاول تقديم فكرة عامة عن صورة حضرموت في ذلك الأرشيف، وإيراد عدة نماذج من الوثائق.

Abstract:

Prepare this research; To provide assistance to researchers in the modern and contemporary history of Hadhramaut in accessing the required documents from the Ottoman archives in Istanbul, and this has become in light of modern technology easy and accessible if the researcher has the required research tools, on top of which is knowing the mechanism of classifying and arranging documents, and obtaining the document number with the name of the document. Classification, and how to put keywords in the site’s search base.

Although there are documents related to the history of Hadhramaut in that archive and its diversity, they are few compared to the history of Yemen in the Ottoman era, but they are important documents that dealt with political, economic and social issues, which the researcher should not be able to access, benefit from, and compare them with other historical sources, either they provide information It is new to it, or it completes the historical questions that it is looking for answers to, or it presents the point of view of the Ottoman Empire on the subject of the document, at the very least within the historical event.

بادئ ذي بدء لا بد من الإشارة إلى أن المقصود بالأرشيف العثماني، الأرشيف التابع لرئاسة الجمهورية التركية، الواقع في مقره الجديد بحي كاغدخانة في إسطنبول، الذي يقتني مائة وخمسين مليون وثيقة، تخص الدولة العثمانية (1299-1924م)، بما فيها المناطق التي وقعت تحت سيادتها، والدول التي أجرت علاقات معها. ومعظم تلك المقتنيات أصبحت متاحة في النظام الحاسوبي، مما يساعد الباحث على استعراض ملخصات الوثائق في وقت قصير نسبيًا بالمقارنة بالفهارس الورقية من السجلات في الفترة الماضية.

والنظام الجديد المتبع في البحث في الأرشيف، يتيح للباحث معرفة كمية الوثائق الخاصة بموضوع بحثه بمجرد إدخال الاسم المراد بحثه. فلو أدخلنا اسم “حضرموت” لتبين لنا وجود 114 موضوعًا مصنفًا تحته (وذلك حتى إعداد تاريخ هذه البحث وهو شهر نوفمبر 2021م). بدءًا من 1260هـ (1844م) وانتهاءً بعام 1334هـ (1915م). وبطبيعة الحال هذا التحديد لا يشمل تاريخ حضرموت في العهد العثماني؛ لأن هناك وثائق صنفت تحت اسم “المكلا” و”شحر” وغيرهما من بلدات حضرموت التي لم تصنف تحت اسمه؛ بسبب عدم إلمام المصنفين والمفهرسين في الأرشيف بالتقسيمات الإدارية فيه، أو عدم ذكر اسم حضرموت في الوثيقة. كما أن الفرمانات الصادرة من الديوان السلطاني في إسطنبول، لم تظهر في هذا الفهرس، أقصد بذلك الأوامر الواردة في سجلات دفاتر المهمة وعددها 266 سجلًا[1]. فعلى الرغم من ذكر اسم حضرموت في وثيقة قديمة (تاريخها: 5 ذو القعدة 973هـ/24 مايو 1566م) تحت حكم بدر[2]، إلا أن المفهرس لم يعكسه في الفهارس، مما يضيِّع الباحث في حال تقيده بهذا الاسم. وبناءً على ذلك فلا بد من التروي في البحث، وإدخال الخيارات الأخرى فيه، مثل: أسماء البلدات، أو الأعلام، أو الأحداث، أو التاريخ التقريبي لتلك الأحداث، وسأمثل لكل ذلك بعد قليل.

ومنطقة حضرموت الواقعة في جنوب اليمن، مثل غيرها من المناطق التابعة للدولة العثمانية، لكنها كانت بعيدة عن النفوذ العثماني المباشر في الفترة الأخيرة من عهدها على أقل تقدير، وشهدت الاحتلال الإنجليزي للمنطقة، وأدى ذلك إلى تكاثف المراسلات بين حضرموت وأعيانها وأشرافها والباب العالي في إسطنبول. وقد دلت تلك المراسلات على التبعية الإدارية لحضرموت بولاية الحجاز، بصورة خاصة، وكانت الوسيط بينه وبين الباب العالي في تلك المراسلات.

وفي هذا التكاثف البريدي يظهر اسم نقيب السادات في مكة المكرمة السيد إسحاق بن عقيل؛ إذ نراه يقدم العديد من الخطابات والتقارير لوالي الحجاز حسيب باشا، معظم تلك الخطابات باللغة العربية؛ حتى وإن لم يظهر بعضها بها. وهي مهمة جدًا، ولاسيما التقارير التي شملت الإصلاحات المزمع إجراؤها في حضرموت. منها على سبيل المثال التقرير الذي قدمه السيد إسحاق لهذا الوالي (في 17 ربيع الأول 1260هـ/6 إبريل 1844م) الذي تحدث فيه عن كيفية إرسال العساكر من جدة إلى حضرموت، والاستيلاء على ميناءي المكلا والشحر، وكيفية التصرف في الوضع العام في البلد[3]. ومثل ذلك الخطاب الموجه لابنه السيد محمد (في 4 ذي القعدة 1265هـ/21 سبتمبر 1849م) المتضمن عدم الحاجة لإرسال العساكر إلى صنعاء، وبدلًا من ذلك إرسالهم محملين في سفينتين كبيرتين إلى حضرموت؛ إذ إن ذلك كفيل بدخول الأهالي تحت الإدارة العثمانية[4]. وقد بين السيد إسحاق في الخطاب العربي المرسل إلى ابنه السيد محمد (في 25 ذي القعدة 1265هـ/12 أكتوبر 1849م) الأوضاع العامة في حضرموت، وتظاهُرَ الأهالي على اليافعي، وضرورة إرسال العساكر بسرعة إلى البلد[5]. كما تضمنت بعض خطابات السيد إسحاق العمل على سياسة الاستمالة لحكام المنطقة، ومن هذا القبيل، طلبه من الباب العالي (في 15 ربيع الأول 1300هـ/24 يناير 1883م) منح الأوسمة لكل من حاكم الشحر الملا عبد الله القعيطي، وحاكم حضرموت منصور بن غالب، وحاكم زنجبار السيد برغش..إلخ[6]. وتلك التقارير الخاصة بتفصيلات الأحداث الدائرة في حضرموت، ولاسيما التقرير الذي وضع له عنوانًا (هو: حوادث أخبار حضرموت، وتاريخه 18 ربيع الآخر 1267هـ/20 فبراير 1851م)، وسرد له بنودًا هامة، جدير بالتحقيق في كل بند من بنوده الأحدَ عشرَ؛ إذ يورد تفصيلات خروجه من جدة بمركب عباس باشا إلى حضرموت بعد موافقة أمير مكة المكرمة الشريف محمد بن عون ووالي الحجاز حسيب باشا في البند الأول، وانتهاءً بخبر عساكر العرب الذين تركهم في حصصة في البند الأخير[7]. فمن تلك التقارير للسيد إسحاق، يتبين للباحث تجاوب الحكومة العثمانية معه، ودفع التكاليف المالية التي تكبدها في إرسال العساكر – المشار إليهم قبل قليل – إلى حضرموت؛ إذ جاءت موافقة الباب العالي على تأدية تلك التكاليف[8].

وكذلك المحضر الذي قدمه مجموعة من السادة في حضرموت (في 29 ذي الحجة 1264هـ/26 نوفمبر 1848م) وعلى رأسهم: السيد شيخ بن عمر السقاف، والسيد أحمد بن زين وغيرهما من الأعيان المعروفين في تلك الفترة، المتضمن طلبهم من الباب العالي في رفع الظلم والتعدي الواقع على السادة في حضرموت[9]. ولا شك أن هذه الوثيقة تقدم معلومات جديدة على الروايات المحلية لأحداث تلك الفترة، كما تبين مدى التواصل الإداري بين حضرموت والحجاز. والحقيقة أن المحضر العربي الآخر المقدم منهم أيضًا – الذي ضم أسماءهم وأختامهم – إلى والي الحجاز السيد محمد حسيب باشا (في 5 صفر 1266هـ/21 ديسمبر 1849م)، يبين تفصيلات أخرى بما عانوه من عمر عوض القعيطي؛ إذ اضطروا إلى الإجلاء إلى بندر الحديدة، وطلبوا من الدولة العلية رفع ذلك الظلم والتعدي عنهم[10].

وقد ضمت بعض الوثائق معلومات عن الجانب الاقتصادي للمنطقة؛ إذ أوردت معلومات عن الدخان الوارد من المكلا والشحر إلى الحديدة عن طريق ميناء عدن (في 14 ربيع الثاني 1309هـ/17 نوفمبر 1891م)[11]، والتعليمات التي أرسلها الباب العالي إلى ولاية اليمن في التعامل مع هذه البضاعة؛ بعدّها تصديرًا داخليًا وليس واردًا من خارج الدولة العثمانية؛ إذ رسومه أقل من البضائع الواردة من الخارج[12]. إلا أن التعليمات المذكورة سرعان ما ترك مكانها للتعليمات الجديدة، بحجة خسارة الخزينة من ذلك الإجراء[13]. ومثل ذلك الوثائق التي تحدثت عن الأسماك المجففة المصدرة من المكلا إلى جدة[14].

كما تناولت وثائق أخرى بعض الصلات الأسرية بين أفراد من حضرموت وآخرين من أسَرهم في جنوب شرق آسيا، مثل الوثائق التي تحدثت عن وفاة الحضرمي: السيد عثمان بن حسن العباس المقيم في سورابايا من جاوا الذي يحمل الجنسية الهولندية، وبين ورثته الستة القاطنين في قضاء تريم التابع لولاية صنعاء، وكيفية توزيع التركة عليهم بعد قدومهم إلى سورابايا أو قدوم وكيلهم خلال ثلاثين يومًا[15]. وكذلك العلاقة بين حكام الشحر وأمراء حيدر آباد في شبه القارة الهندية[16]، والمعاملة السيئة التي رآها عوض بن رجب من القنصلية العثمانية في حيدر آباد[17]. كما تناولت بعض تلك الوثائق معلومات تفصيلية عن نشاط الحضارم في خارج بلدهم، ولاسيما في مكة المكرمة وجدة؛ إذ ذكر هذا التقرير الجدير بالترجمة والنشر والتحليل (وتاريخه: 5 ربيع الأول 1300هـ/14 يناير 1883م)، أن التجار الكبار فيهما من أهالي حضرموت الذين قدموا من الصغر إلى مكة المكرمة وجدة، وأنهم جمعوا أموالًا طائلة من الطرق المشروعة من خلال عرق جبينهم وتفانيهم في العمل الدؤوب، كما أورد مجالات أعمالهم المتنوعة، لكنه نقل شكواهم من الظلم والتعدي الواقع عليهم من القنصلية الإنجليزية في جدة بصورة خاصة، مشيرًا فيه إلى ضرورة تحرك الحكومة لوقف ذلك الظلم عنهم[18]. علمًا أن الوثائق التي تحدثت عن حادثة مقتل القناصل الأجانب في جدة (عام 1274هـ/1858م) تناولت العلاقة بين أعيان الحضارم في جدة وبين تلك الحادثة؛ إذ تعرض بعض منهم للإعدام والنفي والتشريد من البلد[19].

ومن الوثائق التي تناولت سفر بعض الرحالين الأجانب إلى حضرموت، ما أوردته (في 31 ديسمبر 1892م) عن لجنة علمية مشكلة من العساكر الإنجليزية والنمساوية، خرجت من إنجلترا وتوجهت إلى عدن وحضرموت، وقامت ببعض الأبحاث العلمية فيهما[20]. كما أفادت وثيقة أخرى أن توجه لجنة علمية مكونة من السويديين والنمساويين والإنجليز إلى حضرموت، لا يخلو من محاذير سياسية، مما دفع الداخلية العثمانية إلى إبلاغ وزارة الخارجية بالأمر؛ للقيام بما يلزم في هذا الخصوص[21]، ولاسيما تلك اللجنة التي توجهت إلى شرق حضرموت بحجة القيام بأعمال علمية وفنية (30 ديسمبر 1898م)[22]. وقد بينت الخارجية ملابسات الموضوع[23]، وأنه تم إبلاغ السفارة النمساوية بمحاذير ذلك[24]. كما أوردت وثيقة أخرى معلومات عن قيام الإنجليز بشراء بعض المنازل في حضرموت؛ بحجة وجود الآثار القديمة فيها[25]. وقد أفادت وثيقة ثالثة أن الإنجليز ينتهجون الأسلوب الذي مارسه الإيطاليون في السواحل الإفريقية، وأن أولئك الإنجليز يريدون الاستيلاء على المنطقة، مشيرة إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من تصرفاتهم إزاء تملك الأراضي في حضرموت[26]، التي تبين من وثيقة أخرى (في 18 ذي الحجة 1316هـ/29 إبريل 1899م) أن تلك الأراضي اشتريت من قبيلة في منطقة البقا (؟)، بمبلغ قدره ستة آلاف ريال، وأن الهدف من ذلك توسع الإنجليز نحو وسط الجزيرة العربية[27].

وقد أوردت بعض الوثائق معلومات مقتضبة عن تصدير بعض المنشورات والكتب الداعية إلى الثورة في اليمن من حضرموت، ما دفع السلطات العثمانية إلى الرقابة عليها؛ إذ أورد تقرير مكتوب باللغة الفرنسية (صادر في 4 نوفمبر 1892م) بيانًا مقتضبًا بها[28]، كما أوردت وثائق أخرى معلومات عن ضرورة قيام تلك السلطات بالحد من إدخال المنشورات والكتب من حضرموت إلى اليمن، ولاسيما تلك التي تنال من الخلافة الإسلامية المقدسة[29].

ومن الوثائق الهامة التي تناولت العلاقة بين حضرموت وجنوب شرق آسيا، وبصورة خاصة مع إندونيسيا: الوثائق التي تتحدث عن الخطوات التي تعمل بها القنصلية العثمانية في باتافيا بعد تعيين علي غالب فيها، في احتفاظ الحضارم والسادة منهم بصورة خاصة بالتابعية العثمانية فيها (19 شعبان 1300هـ/25 حزيران/يونيو 1883م)[30]، وهل يقبل من حصل منهم على التابعية الهولندية بالاحتفاظ أيضًا بالتابعية العثمانية، أم تلغى عنهم الأخيرة؟[31]، وكذلك التقرير الذي قدمته القنصلية المذكورة إلى الباب العالي في إسطنبول فيما يخص ازدواجية الجنسية، والوضع الاجتماعي لهؤلاء الحضارم في باتافيا[32]، والمعاملة التي تجرى في حق من قدم من حضرموت إلى جزر جاوة وسومطرة وباتافيا؛ بغية تقديم الوعي الديني لحجاجها[33]، والطريقة المتبعة في قبول أولاد بعض الحضارم القادمين من جاوة في المدارس بإسطنبول، منهم على سبيل المثال: ولد السيد عبد الله عطاس، الذي لم يقبل في مدرسة العشائر بإسطنبول، وقُبل في المدرسة السلطانية بها (6 ذو الحجة 1312هـ/31 مايو 1895م) [34]، ومنح أربعة طلاب حضارم جوازات سفر عثمانية من القنصلية العثمانية في باتافيا؛ لإكمال دراستهم في إسطنبول، على الرغم من حملهم للجوازات الهولندية[35].

وقد تناولت الوثائق من جهة أخرى العلاقات بين القبائل في حضرموت وقبائل خارجها. من ذلك على سبيل المثال: شكوى الناس من تصرفات بعض القبائل والوالي في حضرموت (30 محرم 1298ه/2 يناير 1881مـ)[36]، وتحركات قبائل العلقمي ضد لحج، وتدخلات الإنجليز في الموضوع (27 رجب 1306هـ/29 مارس 1889م)[37]، ومذكرة الخارجية العثمانية في الإجراءات التي ينبغي اتخاذها تجاه إصلاح القبائل في حضرموت وشرقي اليمن قبل توجه اللجنة الفنية إلى المنطقة (4 شعبان 1316هـ/18 ديسمبر 1898م) [38]..إلخ

وتمثيلًا لما ذكرته في عدم إدراج كل الوثائق المتعلقة بحضرموت في الفهارس الآلية: خطابات الشكوى المرسلة من حاكم المكلا عمر بن صلاح الكسادي[39] التي لم تظهر تحت اسم حضرموت، وقد بينت هذه الوثيقة مدى حاجته لما وصفه بالظلم الذي تعرض له؛ إذ طلب المساعدة من والي الحجاز؛ لرفع ذلك عنه والوقوف معه، كما في خطابه العربي المرسل (في 16 جمادى الثانية 1298هـ/16 مايو 1881م) الذي أعلن فيه تبعيته للدولة العلية[40]. كما أوردت وثيقة أخرى المناوشات التي جرت بينه وبين حاكم الشحر “القعيطي” في الفترة ذاتها، فضلًا عن إيراد الخلافات التي نشبت بين الطرفين، وانعكست على مراسلات الباب العالي في إسطنبول، ونظرته إلى الموضوع، والتفصيلات التي أوردتها الوثائق في تلك المراسلات[41]؛ إذ تفيد المؤرخَ في تحديد تاريخ الأحداث بدقة، كما تعينه في توضيح بعض الملابسات الخاصة بالموضوع. مثل سبب الخلاف بين الطرفين وهو ثلاثمائة ألف ريال، ومحاولة السفير العثماني في لندن في التدخل في الموضوع؛ لتخفيف الضغط على حاكم المكلا[42]..

ومن الوثائق التي لم تظهر ضمن وثائق حضرموت في فهارس الأرشيف، البرقية المشفرة التي بعثها والي اليمن أحمد فيضي باشا (في 26 محرم 1311هـ/9 أغسطس 1893م) المتضمنة معلومات عن رئيس قلعة بالحاف الواقعة بين المكلا وعدن: محسن بن صالح، الذي رغب في تقديم المساعدة له في تخليص أخويه من السجن بعد أن قدم إلى صنعاء؛ إذ لم يقدر الوالي إسعاف طلبه؛ كون السجن خارج أراضي النفوذ العثماني باليمن[43]. ومثل ذلك الوثائق التي تحدثت عن دخول حاكم المكلا في النفوذ الإنجليزي، والتحقيقات التي أجرتها ولاية اليمن في هذا الخصوص[44].

ويجدر بالباحث في نهاية هذا البحث الإشارة إلى وثائق طريفة عن حضرموت في الأرشيف، مثل الوثيقة التي تتحدث عن إهداء السلطان عبد الحميد الثاني لأهالي حضرموت من الأشراف وغيرهم مصاحف، كتب عليها شرط عدم انتقالها إلى بلد آخر[45].

الخاتمة

إن الوثائق التي تخص حضرموت في الأرشيف العثماني، تسهم في توضيح بعض الأحداث التاريخية للمنطقة، كما تبين موقف الدولة العثمانية من تلك الأحداث، والإجراءات التي قامت بها الإدارة العثمانية فيها. وتلك الوثائق وإن كانت تخص كل الفترة العثمانية، إلا أن ما يتعلق منها بالفترة الأخيرة من الوجود العثماني في اليمن، أكثر من غيرها. وهي في الوقت ذاته تقدم مجالًا للمقارنة بين المعلومات الواردة فيها والروايات المحلية للأحداث.

ومع وجود وثائق كثيرة – نسبيًا – عن حضرموت في الأرشيف العثماني وتنوّعها، إلا أن الأمر الهام للوصول إلى تلك الوثائق يكمن في كيفية البحث في النظام المتبع بالأرشيف، ومعرفة كيفية تنظيم فهارسه المتاحة في الوقت الراهن على الشبكة العالمية؛ لأن ذلك يختصر الطريق في الوصول إلى الوثائق المطلوبة، وضرورة إدخال الخيارات الأخرى فضلًا عن الكلمات المفتاحية الخاصة بالبحث.

وفيما يلي ببليوجرافية تقريبية حصرية عن حضرموت في الوثائق العثمانية. وهذا العمل وإن أخذ مني وقتًا وجهًا كبيرين، إلا أن ذلك يهون في سبيل تقديم المساعدة للباحثين. ومعرفة اسم التصنيف ورقمه كافيان لوصول الباحث إلى الوثيقة، وهي أهم خطوة في البحث بالأرشيف العثماني.

A.{DVNSMHM.d.5/1699, 7/702, 53/235,

A.M. 6/82, 6/89, 6/91, 7/72, 9/3, 19/70

A.MKT. 10/79, 227/58, 228/13

A.MKT.MHM. 369/65, 394/70, 579/23,

A.MKT.MVL. 47/9,

A.MKT.NZD. 93/14,

A.MKT.UM.2/92, 12/22, 78/3,

A.MTZ.05. 5/161,

BEO. 15/1073, 38/2784, 38/2789, 62/4589, 79/5886, 109/8112, 334/25004, 371/27796, 499/37383, 606/45428, 793/59456, 887/66515, 1240/92943, 2273/170435,

DH.EUM.7.ŞB. 1/54,

DH.EUM.4.ŞB. 4/32, 5/24,

DH.MKT.317/63, 511/8, 688/52, 1115/5, 1337/60, 1376/72, 1529/9, 1924/34, 1947/105, 1953/58, 1959/70, 1959/81, 1967/3, 1981/35, 2016/76, 2194/65, 2200/93, 2597/17,

DH.MUI. 63/42,

DH.SAİD.d.48/397,

DH.ŞFR. 153/73, 153/88, 172/106, 235/5,

HAT. 521/25467, 1315/51271

HR.H. 115/17,

HR.HMŞ.İŞO.174/5, 175/60,

HR.İD. 2122/36,

HR.SYS. 1881/16, 1909/54, 1909/57, 1956/71, 2106/22, 2941/9,

HR.ŞFR.3. 279/39, 285/23, 290/29, 390/141, 481/1,

HR.TH.39/79, 121/84, 122/49, 126/97, 231/7, 330/92, 356/51,

HR.TO. 60/20, 60/21, 247/53, 251/76, 252/18, 329/106, 329/108, 329/116, 367/22, 387/68,

İ.DH. 623/43305, 812/65563, 1130/88293, 1268/99680, 1268/99682, 1295/102066,

İ.HR.279/17201,

İ.HUS. 30/117,

İ.MVL. 222/7484, 299/12194,

MAD.d. 9060,

MF.MKT. 266/54,

MV.70/44, 71/11, 106/87, 123/1,

MVL. 242/18, 260/25, 340/26, 347/84,

ŞD.309/18

Y.A.HUS. 256/94, 256/110, 274/95, 410/57

Y.A.RES. 75/22,

Y.EE. 5/18, 35/10,

Y.MTV. 38/30, 106/109, 128/73, 160/117, 161/4, 185/58, 238/94,

Y.PRK.A. 8/12,

Y.PRK.ASK. 182/99,

Y.PRK.AZJ. 17/95, 25/97, 31/17, 35/95, 47/53, 51/53, 53/17,

Y.PRK.BŞK.18/12, 18/14,

Y.PRK.EŞA. 3/60, 45/51,

Y.PRK.HR. 6/7,

Y.PRK.KOM. 3/55

Y.PRK.SGE. 4/32,

Y.PRK.TKM. 4/6,

Y.PRK.UM. 4/56, 5/1, 5/59, 5/82, 5/100, 44/5, 44/82, 45/105,

نماذج من الوثائق

خطاب نقيب السادة في مكة المكرمة إسحاق بن عقيل إلى والي الحجاز حسيب باشا بتنبيه الضباط والعساكر الذين يقدمون إلى حضرموت بألا يقوموا بعمل ضد الناس. الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.10/79

خطاب نقيب السادة في مكة المكرمة إسحاق بن عقيل إلى والي الحجاز حسيب باشا بإرسال المزيد من العساكر للاستيلاء على المكلا والشحر. الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.6/82

خطاب نقيب السادة في مكة المكرمة إسحاق بن عقيل إلى ابنه محمد، بعدم وصول العساكر حتى الآن إلى حضرموت. الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.6/89

المحضر العربي المرسل من أهالي حضرموت إلى والي جدة حسيب باشا بإرسال العساكر إلى حضرموت للقضاء على المفسدين في ميناءي المكلا والشحر. الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.7/72

تقرير نقيب السادة في مكة المكرمة إسحاق بن عقيل إلى والي الحجاز حسيب باشا بما جرى في حضرموت منذ قدومه من الحجاز. الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.9/3

المحضر المترجم المقدم من أهالي حضرموت الأشراف بإرسال العساكر لتخليصهم من المفسدين. الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.160/103

الخطاب العربي الذي أرسله عمر بن صلاح الكسادي إلى والي الحجاز. الأرشيف العثماني، تصنيف HR.SYS.1909/54

النص العربي المسجل على المصاحف التي أهداها السلطان عبد الحميد الثاني لأهالي حضرموت بشرط عدم إخراجها منه. الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.BŞK.80/109


[1] للتفصيل في هذا الموضوع انظر: سهيل صابان/ أهمية دفاتر المهمة في تدوين تاريخ الحجاز: دراسة تحليلية. مجلة الجمعية التاريخية السعودية، العدد (27)، السنة:13 (رمضان 1434هـ/يوليو 2013م). ص 59-110؛ سهيل صابان/موقف الدولة العثمانية من الخطر البرتغالي في جنوب الجزيرة العربية كما عكستها دفاتر المهمة بالأرشيف العثماني (967-999هـ/1560-1591م). السجل العلمي للندوة العالمية الثامنة لدراسات تاريخ الجزيرة العربية التي نظمها مركز دراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها بجامعة الملك سعود في 14-17 جمادى الآخرة 1435هـ/14-17 إبريل 2014م. الرياض: جامعة الملك سعود، مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها (الكتاب الثامن)، 1441هـ/2020م. ص 301-336

[2] الأرشيف العثماني، تصنيف DVNSMHM.d.5/1699

[3] الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.10/79

[4] الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.6/91

[5] الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.6/89

[6] الأرشيف العثماني، تصنيف I.DH.1295/102066. MB.I.113/152

[7] الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.9/3

[8] الأرشيف العثماني، تصنيف İ.MVL.299/12194

[9] الأرشيف العثماني، تصنيف A.MKT.160/103

[10] الأرشيف العثماني، تصنيف A.M.7/72

[11] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.MKT.1947/105

[12] الأرشيف العثماني، تصنيف MV.70/44

[13] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.MKT.2016/76

[14] علمًا أن باسم هذا الرجل يذكر في بعض الوثائق “بن صالح أكسادي”. الأرشيف العثماني، تصنيف HR.TO.60/21

[15] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.MKT.778/4

[16] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.MKT.781/43

[17] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.TO.329/116

[18] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.UM.5/59

[19] هناك وثائق كثيرة عن هذه الحادثة، يتيح للباحث تتبع بداية الحدث المتمثل في إنزال القنصل الإنجليزي العلم العثماني من سفينة يملكها حضرمي، ومرورًا بمقتل القنصل الإنجليزي والفرنسي وجرح القنصل الروسي، وانتهاء بفرض ضريبة على كل منزل من منازل جدة، ليتم دفعها لورثة المقتولين بعد قدوم السفن الحربية الإنجليزية والفرنسية إلى سواحل جدة. منها: الأرشيف العثماني، تصنيف I.MMS.13/532 ومثل ذلك حادثة هجوم بعض من البدو للقنصل الإنجليزي والفرنسي والروسي في خارج سورها (عام 1312هـ/1895م). Y.MTV.121/53

[20] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.TH.126/97

[21] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.ID.2122/36

[22] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.ID.2122/37

[23] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.MTV.185/58

[24] الأرشيف العثماني، تصنيف HR. ŞFR.3 481/1

[25] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.UM.45/105

[26] الأرشيف العثماني، تصنيف DH. ŞFR.235/5

[27] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.MKT.2194/65

[28] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.ŞFR.3. 390-141

[29] الأرشيف العثماني، تصنيف BEO.109/8112

[30] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.EŞA.3/60

[31] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.TO.367/22

[32] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.HMŞ.İŞO.174/5

[33] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.HMŞ.İŞO.175/60

[34] الأرشيف العثماني، تصنيف MF.MKT.266/54Ç A.MTZ.(05) 5/161

[35] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.TH.330/90

[36] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.TKM.4/6

[37] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.MTV.38/30. I.DH.1130/88293

[38] الأرشيف العثماني، تصنيف YMTV.185/10

[39] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.MKT.1947/105

[40] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.SYS.1909/57

[41] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.H.115/17, HR.ŞFR.3. 279/39, 285/23, 290/29,

[42] الأرشيف العثماني، تصنيف HR.H.115/17

[43] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.ŞFR.172/106

[44] الأرشيف العثماني، تصنيف DH.MKT.2597/17, 511/8

[45] الأرشيف العثماني، تصنيف Y.PRK.BŞK.80/109